للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تدفع به إلى المعاطب «١» . فإذا ملك زمامها ولم تملكه: قهر أقوى خصومه. فكان أشد بأسا من الصرعة.

واعلم أن الغضب غريزة في الإنسان كامنة يثيرها اعتداء على حق. أو انتهاك لحرمة. وهو إذا ثار احمر منه الوجه والعينان، وانتفخت الأوداج «٢» لثوران الدم، والمرء إذا جاراه، فاندفع في الانتقام أراده. فالواجب مجاهدة النفس في هذه الحال.

ومنعها مما أرادت فإن ظفر بها فذلك الجندي الباسل الذي صرع أشد أعدائه بأسا.

وضبط النفس هو الفضيلة التي علا بها العظماء. ومكن بها لمجدهم القادة والزعماء.

وهي أس الإحسان في الفكرة، ووزن الأقوال بميزان الحكمة. وصدور الأعمال وفق المصلحة، وهي تجعل صاحبها الثبت الرزين «٣» . القرم «٤» الرصين «٥» ذا النفس المطمئنة. والأخلاق الهادئة. وإنها لتحمي الإنسان من الطيش والنزق والهلع «٦» والفرق. وتدعو إلى احترامه وإجلاله. وتوقيره وإكباره فاملك زمام نفسك عند الغضب تكن أشجع الناس.

٦١- باب: الحياء وأثره

عن عمران بن حصين قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «الحياء لا يأتي إلّا بخير» .

[رواه البخاري ومسلم «٧» وأحمد] .

[اللغة:]

اختلفت العبارة في الإعراب عن معنى الحياء: فقيل: هو خلق يبعث على فعل الحسن. وترك القبيح. وقيل: هو انقباض النفس خشية ارتكاب ما يكره،


(١) المعاطب: الهالك.
(٢) الأوداج: ج الودج وهو الوداج: عرق في العنق، وهو الذي يقطعه الذابح فلا تبقى معه حياة.
(٣) الرزين: الحليم الوقود.
(٤) القرم من الرجال: السيد المعظم والمكرّم.
(٥) الرّصين: رصن رصانة: ثبت واستحكم.
(٦) الهلع: الجزع الشديد.
(٧) رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: الحياء (٦١١٧) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء وكونه من الإيمان (١٥٥) .

<<  <   >  >>