تحب لأخيك ما تحب لنفسك والحب معنى نفسي، وشعور داخلي، تظهره الأعمال فإن أجبت أخاك إلى دعوته، وشاركته في مسرته، برهنت بعملك على حبك له، وأنّ ما حلّ به من النعم كأنما حل بك. وفي ذلك تأكيد العلاقات، وتوثيق الصلات. وإن رفضت الإجابة بلا عذر أحزنت نفسه وأوغرت صدره. وعرضت الصلة للقطع أو الضعف. بل ربما سبب ذلك عداء وخصاما. فلتقوية الصلات ومنع الحزازات أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بإجابة الدعوة. فاجابتها واجبة. وبذلك قال الظاهرية.
قال ابن حزم. إنه قول جمهور الصحابة والتابعين. ومن الفقهاء من فرق بين وليمة العرس وغيرها، فأوجبوا وليمة العرس دون غيرها بل صرح جمهور الشافعية والحنابلة بأنها فرض عين، ونص عليه مالك، وقيل: إنها فرض كفاية. ويعجبني ما قاله الشافعي: إتيان دعوة الوليمة حق والوليمة التي تعرف وليمة العرس. وكل دعوة دعا إليها رجل وليمة. فلا أرخّص لأحد في تركها ولو تركها لم يتبين أنه عاص. كما تبين لي في وليمة العرس. والشيعة «١» لا يرون الوجوب في الولائم كلها. وقد سوغ الفقهاء ترك الإجابة لأعذار. منها أن يكون في الطعام شبهة. كأن يكون طعام حاكم ظالم لا يتورع عن أموال الناس، أو قيم على أيتام لا يعرف بالعفة. أو تاجر غشاش أو نحو ذلك. ومنها أن يخص بها الأغنياء كما يصنع أكثر الناس اليوم. أو أن يكون فيها من يتأذى بحضوره معه. أو يكون دعاه خوفا من شره أو طمعا في جاهه، أو ليعينه على باطل، أو يكون فيها منكر كشرب خمر، ورقص فتيات. وخلوة بالأجنبيات، أو تكون ذريعة إلى فساد، أو ما شاكل ذلك، وفي حديث جابر عند النسائي «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر» .
٤- نصر المظلوم:
هو من فروض الكفاية، ومن جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب على من قدر عليه. ولم يخش ضررا؛ وقد بسطت الكلام فيه في الحديث (٢٤) .
٥- إبرار القسم:
وهو من البر بالمؤمن. والإكرام له فإذا حلف لك شخص لتعطينه من مالك، أو لتساعدنه في قضاء حاجة من حاجته، أو لتعلّمنه مسألة، أو
(١) الشّيعة: فرقة كبيرة من المسلمين اجتمعوا على حب عليّ وآله وأحقّيتهم بالإمامة.