للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزوج وزوجة، وأثرها عشرة بالمعروف، وإخلاص متبادل، وألا ترهقه «١» بالطلبات، ولا يكلفها بالمرهقات، بل يعاونها على شؤون المنزل وتربية الأولاد بالخدم ما دام في المال سعة أو بنفسه إن كان في وقته فضل.

وتكون بأهل دينك، ترشدهم إلي الخير، وتعلمهم ما تعلمت. وتأخذ بهم عن اللمم «٢» إلي السبيل الأهم وتعمل لعزهم، ودفع المذلة عنهم، وتكون بالناس جميعا، فتحب لهم ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لها، وتكون بالحيوان فتقدم له أكله وشربه، وتداوي جرحه، ولا تكلفه عسيرا، ولا تحمله ثقيلا.

فإن كانت الرحمة خليقتك رحمك الناس كما رحمتهم، وكانوا لك كما كنت لهم، ورحمك الرحمن الرحيم: فأسبغ عليك نعمة ظاهرة وباطنة، وإن تركتها إلى القساوة قست عليك الخليقة، فإن نابتك نائبة، أو حلت بك ضائقة «٣» أغضوا عنك وفرّوا منك، فتجرعت وحدك صابها «٤» ، وصليت نارها، وكذلك يصنع الله بك يرفع عنك رحمته، فإذا أنت في الدنيا في معيشة ضنك، لا تنعم بعزة أو هناءة، وفي الآخرة لا ينظر الله إليك ولا يكلمك، ولك العذاب الهون جزاء بما اكتسبت، فارحم ترحم، وكن للناس يكونوا لك وتخلق بخلق الله يرفع شأنك، ويعل نفسك والله لا يضيع أجر المحسنين.

٥٠- باب: الصدقة بالمال وطيب الكلام

عن عديّ بن حاتم قال: ذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم النّار فتعوّذ منها، وأشاح بوجهه، ثمّ ذكر النار، فتعوذ منها، وأشاح بوجهه قال شعبة: أمّا مرّتين فلا أشكّ- ثمّ قال: «اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة فإن لم يكن فبكلمة طيّبة» . [رواه البخاري ومسلم «٥» ] .


(١) ترهقه: تطلب ما يزيد عن طاقته، وحمله على ما لا يطيقه.
(٢) اللمم: مقاربة الذنب.
(٣) ضائقة: ضاقت حيلته، وضاق بالأمر، وضاق به ذرعا.
(٤) صابها: يقال: صابت بقرّ: نزلت النازلة في مستقرها، يضرب عند نزول الشدة وإصابتها.
(٥) رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: طيب الكلام (٦٠٢٣) .

<<  <   >  >>