للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧٥- باب: تقاتل المسلمين وعقابه

عن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار» ، فقلت: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: «إنّه كان حريصا على قتل صاحبه» . [رواه الشيخان وأبو داود والنسائي «١» ] .

[اللغة:]

البال: الحال الذي يهتم بها، يقال: ما باليت بكذا بالة أي ما اهتممت به ويطلق على الخاطر، وعلى القلب، والحرص فرط الشره، وفرط الإرادة.

[الشرح:]

القتل العدوان إثم كبير، وجرم عظيم. توعد الله عليه بالعذاب الشديد في قوله وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً «٢» ، وما كانت يد المؤمن الذي ملأ الإيمان قلبه لتمتد إلى أخيه بسفك دمه، وإزهاق حياته وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً «٣» ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه إذا تلاقى مسلمان بسيفيهما، أو بندقيتيهما، أو مسدسيهما، أو مديتيهما «٤» ، أو نبوتيهما «٥» ؛ أو غيرها من آلات القتل، فذكر السيف على سبيل التمثيل وأعمل كل منهما ما في يده للقضاء على صاحبه، والإيذاء بحياته فالقاتل والمقتول في النار. فسأل أبو بكرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: هذا القاتل الذي أودى بحياة صاحبه يستحق النار كما نطق بذلك القرآن، ولكن ما شأن القتيل الذي أريق دمه حتى يكون مع قاتله في النار؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إنه كان حريصا على قتل


(١) رواه البخاري في كتاب: الديات، باب: قول الله تعالى: وَمَنْ أَحْياها ... (٦٨٧٥) . ورواه مسلم في كتاب: الفتن وأشراط الساعة: باب: إذا تواجه المسلمان بسيفهما (٧١٨٢) . ورواه أبو داود في كتاب: الفتن والملاحم، باب: في النهي عن القتال في الفتنة (٤٢٦٨) . ورواه النسائي في كتاب: تحريم الدم، باب: تحريم القتل (٤١٣٣) .
(٢) سورة النساء، الآية: ٩٣.
(٣) سورة النساء، الآية: ٩٢.
(٤) مديتيهما: المدية: الشفرة الكبيرة وهي السكين.
(٥) نبوتيهما: النّبوت: العصا الطويلة المستوية.

<<  <   >  >>