للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخير. وإن أغضبت الجهول، فإنه لك بعد نعم الشكور. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

٢٥- باب: تعاون المؤمنين

عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا، ثمّ شبّك بين أصابعه» . [رواه البخاري ومسلم والترمذي «١» ] .

البيت مكون من جدران اتصل بعضها ببعض، والجدار مكون من لبنات أو طوب أو حجارة، وللقطعة منها في الجدار من القوة والمتانة ما ليس لها خارجة إذ شدت إلى ما حولها بالشيد «٢» ، وكان لها سند من جميع نواحيها، ولهذا يصعب تحريكها في جدارها، بل يصعب تكسيرها، أما خارج الجدار فليس لها مناعة وقوة فكسرها سهل، ونقلها أسهل، وكذلك الجدار إذا كان قائما وحده. وعمره قصير تزلزله حوامل الأثقال إذا مرت بجانبه، وتهزه العواصف الشديدة، أو تطرحه أرضا فإذا ما اتصل بغيره من طرفيه حتى كانت في الجدار حجرة. وكان من الحجرات منزل أو عمارة؛ رسخ في مكانه وصلب في مقامه، ولا تؤثر فيه الحوادث إلا بقدر، فالجدار وحده ضعيف، وبأمثاله قوي شديد.

ذلك مثل المؤمن للمؤمن، فهو معه كالبنيان يشد بعضه بعضا فالمؤمنون شأنهم التعاون والتناصر، والتظاهر والتكاتف على مصالحهم الخاصة والمصالح العامة:

وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ «٣» ، أما التفرق والتخاذل فلا يعرفه الإيمان، وليس من الدّين في شيء فإن كان التعاون كانت القوة


(١) رواه البخاري في كتاب: المظالم، باب: نصر المظلوم (٢٤٤٦) . ورواه مسلم في كتاب: الأدب، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم (٦٥٢٨) . ورواه الترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في شفقة المسلم على المسلم (١٩٢٨) .
(٢) الشيد: ما يطلى به الحائط من جص ونحوه.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٢.

<<  <   >  >>