للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإسراف محرّم بنص القرآن يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «١» ، ولهذا نرى أن اتخاذ الجواهر النفيسة، بل تحلي النساء بالذهب والفضة إذا جاوز حد القصد حرام بهذه الآية، كما يحرّم الإسراف في الأكل والشرب. فإن لم يكن إسراف فلا حرمة قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «٢» .

وخير لنا من اتخاذ الذهب والفضة أواني أن نستثمرها في الأعمال الصناعية أو الزراعية، أو نتجر بهما! فننمي ثروتنا، ونعز أمتنا ونغنيها عن أموال الأجانب التي استعبدونا بها، وجعلونا أجراء أو عمالا لهم في ضياغنا وأملاكنا.

٩- التختم بالذهب:

النهي عن خاتم الذهب يدل على حرمته، وقد ورد التصريح بالحرمة في حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي. وحرم على ذكورها» «٣» ، رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه ولكن الحديث معلول، إذ في سنده سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى؛ وسعيد لم يلق أبا موسى ولم يسمع منه؛ وبالحرمة على الرجال قال الجمهور. وقال جماعة:

بكراهة ذلك كراهة تنزيه. وقد لبسه جماعة من الصحابة، منهم سعد بن أبي وقاص.

وطلحة بن عبد الله. وصهيب. وحذيفة وجابر بن سمرة. والبراء راوي حديثنا.

وآخرون ولعلهم حسبوا أن النهي للتنزيه. وفي حديث عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب أو فضة. وجعل فصه مما يلي كفه ونقش فيه «محمد رسول الله» فاتخذ الناس مثله فلما رآهم قد اتخذوها رمى به وقال: لا ألبسه أبدا؛ ثم اتخذ خاتما من فضة؛ فاتخذ الناس خواتيم الفضة، قال ابن عمر: فلبس الخاتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، حتى وقع من عثمان في بئر أريس «٤» - بئر في حديقة قرب مسجد قباء بالمدينة- ومن هذا عرفت جواز التختم بالفضة.


(١) سورة الأعراف، الآية: ٣١.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٣٢.
(٣) رواه النسائي في كتاب: الزينة، باب: تحريم الذهب على الرجال (٥١٦٣) . ورواه الترمذي في كتاب: اللباس، باب ما جاء في الحديد والذهب (١٧٢٠) .
(٤) رواه أبو داود في كتاب: الخاتم، باب: ما جاء في اتخاذ الخاتم (٤٢١٨) .

<<  <   >  >>