للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث أمورا ثلاثة، يقتضيها الإيمان بالله واليوم الآخر؛ إكرام الضيف؛ والإحسان إلى الجار؛ والنطق بالخير أو الصمت؛ وإنما خص بالذكر الإيمان بالله واليوم الآخر دون غيرهما مما يجب الإيمان به كالرسل والكتب الإلهية لأن الله تعالى مبدأ كل شيء وبيده الخير والشر، واليوم الآخر نهاية الحياة الدنيا، وهو ينتظم البعث والنشر؛ والحشر والحساب؛ والجنة والنار؛ فهو يوم جامع لكثير مما يجب الإيمان به؛ وإنما كان الإيمان بهما مقتضيا لهذه الأشياء الثلاثة لأن من صدّق بالله؛ وعلم أنه خبير بما يعمله، ومحاسبه عليه. وأن بيده الثواب والعقاب يجدّ في عمل الطيبات؛ ويدع السيئات. ومن آمن بيوم يحيا فيه الناس جميعا، وتعرض عليهم فيه أعمالهم من خير أو شر؛ ويلقون جزاءهم من جنة أو نار- من آمن بكل ذلك طمع في الثواب بالمسارعة إلي الخيرات ونفر من العقاب باتقائه الشرور.

١- إكرام الضيف:

الضيف يطلق على الواحد والجمع ومنه قوله تعالى:

وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ «١» ، وإكرام الضيف يكون بحسن استقباله، فيقابله بوجه باش، ويظهر له السرور بحضوره، ويقدم له خير ما عنده من الطعام والشراب ووسائل الراحة؛ وإن كان ذا سعة والضيف فقير مد إليه يد المعونة، ويودعه كما استقبله إلى غير ذلك، وقد قال العلماء: إن الضيافة الشرعية ثلاثة أيام؛ وما زاد عليها فهو صدقة؛ فنحن مأمورون بإكرامه هذه الثلاثة، وما زاد عليها فهو فضل من المضيف.

٢- الإحسان إلى الجار:

الجار يطلق على الداخل في الجوار، وعلى المجاور في الدار؛ والمراد به الثاني؛ واسم الجار عام يشمل المسلم والكافر؛ والعابد والفاسق والصديق والعدو. والقريب والأجنبي؛ والأقرب دارا والأبعد.

وله مراتب بعضها أعلى من بعض؛ فالمسلم القريب العابد الصديق أولى ممن لم تتوفر فيه هذه الصفات. والإحسان إلى الجار يكون بعمل ما يستطيع معه من


- (٦٠١٨) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا ... (١٧٤) . ورواه ابن ماجه في كتاب: الأدب، باب: حق الجوار (٣٦٧٢) .
(١) سورة الحجر، الآيتان: ٥١، ٥٢.

<<  <   >  >>