للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولهما أن دخول الجنة ليس بالعمل. بل بفضل الله ورحمته.

الثاني: أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.

١- التسديد في الأمور طلب السداد فيها:

وهو القصد والعدل. أي ما بين الإفراط والتفريط، وفسّر السداد بالصواب وهو مقارب للقصد، لأن التقصير في المطلوب أو المغالاة فيه تخرجه عن الصواب، والقصد في الأمور ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم، في تطهرهم، وصلاتهم، وصيامهم، وصدقاتهم، وأخلاقهم ... إلخ.

٢- والمقاربة عدم الإفراط في العبادة:

لأن إجهاد النفس فيها يفضي إلى الملال فيؤدي إلى تركها، فيكون الإفراط فيها من التفريط والتقصير، فالمطلوب منا في الأعمال المقاربة لا المبالغة.

وفي حديث جابر: «إن هذا الدين متين فأوغلوا «١» فيه برفق، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله، فإن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى» .

٣- والإبشار كالتبشير:

الإخبار بما يسر ويظهر أثره على بشرة الإنسان (ظاهر جلده) فالرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإدخال السرور على نفوسنا من فرط رحمة الله بنا نحن المؤمنين، العالمين، فلا نيأس من روح الله ما دمنا عند حدوده التي رسمها، لا نعصي له أمرا، ولا نخالف نهيا.

٤- تغمّده بالرحمة:

عمّه بها وألبسه إياها حتى كانت له كالغمد للسيف، يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن العمل لا يدخل عامله الجنة، ولو كان الرسول نفسه، إلا إذا شملته رحمة الله، وهذا ينافي آيات القرآن الكثيرة التي تدل على أن دخول الجنة وإرثها إنما هو بالعمل الصالح- مع الإيمان كقوله وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «٢» ، وقوله: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «٣» ، وقد أجاب العلماء عن هذا التعارض بأجوبة كثيرة منها أن التوفيق للعمل من رحمة الله، ولولا رحمته ما كان إيمان ولا عمل صالح، فالسبب الأصلي لدخول الجنة الرحمة. والعمل المترتب عليه الدخول أثرها. ومنها أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير، والثواب لا ينفد،


(١) أوغلو: تعمقوا وتدبروا برفق.
(٢) سورة الزخرف، الآية: ٧٢.
(٣) سورة النحل، الآية: ٣٢.

<<  <   >  >>