للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٣- باب: القصد في الطعام والشراب

عن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدمي وعاء شرّا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» ، [أخرجه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه «١» ] .

[اللغة:]

بحسبه: أي كافية أو يكفيه، الصلب: العمود الفقري.

[الشرح:]

يدعو الحديث إلى ذم الشبع والإسراف في تناول الطعام والشراب وقد نهى عن ذلك القرآن بقوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «٢» .

وإنما كان ملء البطن شرا لما فيه من المفاسد الدينية والدنيوية فالشبع يورث البلادة «٣» ويعوق الذهن عن التفكير الصحيح وهو مدعاة الكسل والنوم الكثير ومن نام كثيرا قتل وقته الذي هو رأس ماله في الحياة العملية فيخسر كثيرا من مصالحه الدينية والدنيوية وكم من أكلة كانت عاقبتها الكظة «٤» . وجلبت من الأضرار والأمراض ما لا قبل للإنسان به.

ومن وصايا لقمان لابنه: يا بني إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة، ولا كذلك الحال في الإقلال من الطعام والشراب فالقلب صاف والقريحة «٥» متقدة والبصيرة نافذة والشهوة مغلوبة. والنفس مقهورة، وقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المقدار المناسب في الطعام وهو ما يقيم الحياة


(١) رواه الترمذي في كتاب: الزهد، باب: ما جاء في كراهية كثرة الأكل (٢٣٨٠) . ورواه ابن ماجه في كتاب: الأطعمة، باب: الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع (٣٣٤٩) . ورواه ابن حبان في صحيحه.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٣١.
(٣) البلادة: بلد: ضعف ذكاؤه وقلّ نشاطه.
(٤) الكظّة: البطنة.
(٥) القريحة: طبيعة الإنسان التي جبل عليها.

<<  <   >  >>