للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالسخط عليها سخط على من بيمينه زمامها؛ وبقدرته تصريفها لحكمة يريدها، ونظام وإيداع يجريه لا طاعة لمخلوق ولا وقوفا عند رغبة إنسان؛ فمن ألمّت به نازلة أو حلت بواديه فادحة «١» ، فلا يضيق بها صدره، ولا يكفر بجزيل نعم الله عليه وليصبر، فإن الأيام لا تبقى على حال ولا يدوم بؤس ولا حزن، فإن مع العسر يسرا؛ وبعد الضيق فرجا.

١٢٥- باب: المبادرة إلى الإيمان والإقلاع عن المعاصي

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتّى قوما فقال رأيت الجيش بعيني، وإنّي أنا النّذير العريان، فالنّجاء النّجاء فأطاعه طائفة فأدلجوا على مهلهم فنجوا وكذّبته طائفة فصبّحهم الجيش فأجتاحهم» . [رواه البخاري «٢» ] .

[اللغة:]

مثلي: صفتي وحالي العجيبة. النذير: المخبر فيه شر وسوء، العريان:

ضد المكسو؛ والنذير العريان: كان رجلا من خثعم «٣» متزوجا في بني زبيد فأراد بنو زبيد أن يغيروا «٤» على قبيلته فخافوا أن ينذر قومه فجعلوا عليه حراسا بعد أن خلعوا ثيابه، فصادف منهم غرة وفرّ إلى أهله فأنذرهم وكان مما قاله لهم:

أنا المنذر العريان ينبذ ثوبه ... إذا الصدق لا ينبذ لك الثوب كاذب

فكان مثلا لكل أمر تخاف مفاجأته؛ ولكل رجل لا ريب في كلامه- النّجاء:

الهرب وهو منصوب على الإغراء. أدلجوا: ساروا من أول الليل وساروا الليل كله.

صبحهم: أغار عليهم في الصباح، اجتاحهم: استأصلهم فلم يبق على أحد.

[الشرح:]

جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس بالهدي ودين الحق بشيرا ونذيرا، وداعيا


(١) فادحة: الفادحة: النازلة.
(٢) رواه البخاري في كتاب: الرقاق، باب: الانتهاء عن المعاصي (٦٤٨٢) .
(٣) خثعم: إحدى قبائل العرب.
(٤) يغيروا: يشنوا الحرب.

<<  <   >  >>