للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

راهواه: يجب تخليص الأسرى من بيت المال، وهو رواية عن مالك، فتخليصهم واجب حكومي لا فردي، ولو كان في يدنا أسارى للأعداء فادينا بهم أسارانا، والغرض ألا ندع قوما جاهدوا لإعزازنا، في مذلة أعدائنا، بل علينا أن نستردهم إلى ديارهم بكل ما استطعنا أفرادا وأمة.

٤٠- باب: إئتلاف الأرواح واختلافها

عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النّبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الأرواح جنود مجنّدة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» . [رواه البخاري وكذلك مسلم «١» عن أبي هريرة] .

[اللغة:]

الروح: ما به الحياة والحركة، والجنود: جمع جند، وهم الأعوان والأنصار. وبعبارة أخرى: الجيش والعسكر، وواحد الجند جندي، وأصله المادة الغلظ والتجمع، يقال للأرض الغليظة ذات الحجارة: جند وتجنيد الجند جمعهم، فمعنى مجندة: مجموعة، والتعارف: معرفة بعضها بعضا، والمعرفة: إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره، والتناكر: ضده، والائتلاف: الاجتماع مع التئام، وبعبارة أخرى:

الإئتناس والمحبة، وضده الاختلاف.

هذا والحديث قد رواه البخاري في صحيحه معلقا غير متصل عن الليث عن يحيى، عن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. ولكن وصله في كتابه (الأدب المفرد) فرواه فيه عن عبد الله بن صالح عن يحيى ... وقد تكلم في عبد الله هذا بعض أئمة الجرح والتعديل.

[الشرح:]

من الظواهر التي نراها في الاجتماعات العامة ميل كل امرىء إلى من يشاكله «٢» ويناسبه روحا وخلقا، أو دينا وأدبا، أو مبدأ ومذهبا، أو حرفة وعملا، فترى المجتمعين بعد مدة وجيزة من بدء الاجتماع قد انقسموا جماعات تتحدث كل جماعة في شؤونها الخاصة، وأمورها المشتركة وتتغير نفوسها إذا رأت دخيلا بين


(١) رواه مسلم في كتاب: البر والصلة، باب: الأرواح جنود مجندة (٦٦٥٠) .
(٢) يشاكله: يماثله ويشابهه.

<<  <   >  >>