للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يمسها إنسان ويكون مصيبها أول مصيب سواء بقيت عذرتها «١» أم زالت بسبب غير الوقاع كمرض أو وثب أو لم يكن لها عذرة أصلا، ومن زالت بكارتها بوطء حلال فهي ثيب، ومن رميت بزنا فإن تكرر منها ذلك أو أقيم عليها الحدّ فهي ثيب، وإن لم يتكرر ولم تحد فهي في حكم البكر من حيث اعتبار سكوتها رضا عند أبي حنيفة لأن الناس عرفوها بكرا ولم يشتهر أمرها فلا يزال لها حياء الأبكار.

وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي إنها ثيب فلا يكتفي بسكوتها عند استئمارها بل لا بد من الإفصاح منها لأنها ثيب لغة وشرعا ولا يعلم بقاء حيائها من ذكر الزواج.

وفي هذا الحديث تقرير لمبدأ جليل ذلك هو اعتبار المرأة إنسانا كامل الإرادة والاختيار لا حق لأحد عليها في إكراهها على ما لا تحب وترضى متى كانت عاقلة فقد جعل لها اختيار الزواج الذي سيكون شريك حياتها تشاطره الحياة الزوجية، وما تتطلبه من تكاليف ومهام، ولم يبح لأحد من ذوي قرابتها، ولو كان أباها أن يكرهها على الزواج ممن لا ترغب. بل جعل تزويجه إياها من أي شخص كان موقوفا على إذنها وإجازتها، فإن أجازته ورضيت عن فعله بعد علمها بما يلزم العلم به انعقدت رابطة الزواج متينة غير منقوضة «٢» ، وإلا فلا سلطان لأحد عليها، ذلك بعد أن كانت المرأة في الجاهلية وضيعة الشأن قليلة الخطر تكاد تكون من سقط المتاع، لا رأي لها ولا إرادة في أمر من أمورها، جلّ أو هان، وكان لوليها أن يزوجها بمن يشاء وبما يشاء أو يعضلها «٣» عن الزواج لا رادّ لقوله ولا معقب لعمله.

فجاء الإسلام وفك عنها قيود العبودية والإذلال وأنالها قسطها «٤» من الحرية والاستقلال حسبما تقتضيه طبيعتها الخلقية ووظيفتها في المجتمع.

١٠٠- باب: إحداد المتوفى عنها زوجها

عن زينب ابنة أبي سلمة عن أمّ حبيبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) عذرتها: بكارتها.
(٢) منقوضة: مفسودة.
(٣) يعضلها: يمنعها.
(٤) قسطها: حقها.

<<  <   >  >>