للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني. [رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي «١» ] .

[الشرح:]

سأل عبد الله بن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله؛ وأفضلها عنده؛ ليكون حرصه عليه أشد؛ وعنايته به أكبر؛ فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الأحب؛ والأفضل والأرفع درجة والأجزل ثوابا الصلاة على وقتها؛ وفي رواية:

«الصلاة لوقتها» «٢» .

وقد قال الشراح: إن على هنا بمعنى اللام؛ واللام هنا تحتمل الاستقبال؛ مثلها في قوله تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ «٣» أي مستقبلات عدتهن؛ وتحتمل الإبتداء مثلها في قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ «٤» أي ابتداء زوالها؛ وتحتمل الظرفية أي في وقتها؛ ويشهد للإبتداء رواية مرجوحة «٥» فيها: الصلاة في أول وقتها وقد سبق الكلام على الصلاة وآثارها في الحديث الثاني.

وهنا يبين الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة في أوقاتها المحددة أفضل الأعمال إذ في ذلك العمل بقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً «٦» وتعوّد النظام واحترام المواعيد، وذكر الله، والقيام بين يديه ومناجاته خمس مرات في اليوم والليلة؛ وتلبية داعي الحق كلما دعا: حيّ على الفلاح والدأب «٧» على رياضة النفس وتهذيبها، والمبادرة إلي الخيرات، وملك النفس والشهوات. وعدم التمكين للشيطان في الفتنة، فإنه يتصيد النفوس الغافلة عن ذكر الله، المنهمكة في شؤون الحياة؛ وأداء


(١) رواه البخاري في كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها (٥٢٧) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (٢٥٠) . ورواه النسائي في كتاب: المواقيت، باب: فضل الصلاة لمواقيتها (٦٠٩) . ورواه الترمذي في كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الوقت الأول من الفضل (١٧٣) .
(٢) رواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (٢٤٨) .
(٣) سورة الطلاق، الآية: ١.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٧٨.
(٥) «روى ذلك علي بن حفص وهو شيخ صدوق من رجال مسلم فقال: «الصلاة في أول وقتها» أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي من طريقه، قال الدارقطني: ما أحسبه حفظه لأنه كبر وتغير حفظه قلت: ورواه الحسن بن علي المعمري في «اليوم والليلة» عن أبي موسى محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة كذلك» . (خ) .
(٦) سورة النساء، الآية: ١٠٣.
(٧) الدأب: العادة والشأن.

<<  <   >  >>