للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالشياطين، والتقرب إليهم بالعصيان كانت تلك أضرار أخرى. وإن كان منه ما يؤثر في القلوب بالحب والبغض وفي الأجسام بالصحة والسقم كان أشد فحشا وأعظم وقد اتفق العلماء على حرمة تعلم السحر وتعليمه وتعاطيه.

وقالوا: إن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كان كفرا. وقال مالك وأحمد وجماعة من الصحابة والتابعين: تعاطي السحر كفر يوجب القتل، وكأن حرمة التعلم والتعليم لأن ذلك وسيلة إلى العمل به. فإن كان ذلك لمجرد الإحاطة به، والوقوف عليه وأمن العمل به، ولم يكن في سبيله إقتراف جريمة لم يتجه التحريم كمن يتعرف الأديان الباطلة وطرق العبادة فيها لا يأثم بذلك، ولا يخرج من حظيرة الملّة، بل له ثواب إن أراد النهي عنه. والتحذير منه.

[وثالثتها قتل النفس المحرمة:]

وإزهاق «١» الروح الآمنة البريئة، وإراقة الدماء الطاهرة الزكية. فتلك جريمة ترفع الأمن، وتنشر الخوف، وتفتك بالأمة وتضعفها.

وتقطع روابط الإخاء بينها تلك الجريمة المرملة للنساء، الميتّمة للأطفال، الزرّاعة للإحن والعداوات. تلك التي يقول الله فيها: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً «٢» ، تلك التي يقول الله في عذابها: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً «٣» تلك الجريمة التي لا تخطر على قلب مؤمن، أو لا تطاوعه نفسه عليها وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً «٤» ، وقتل النفس يشمل قتل العدوان. وقتل الأولاد خشية الإملاق «٥» ، ووأد «٦» البنات مخافة العار. فالنفس الإنسانية محترمة إلا إن كانت نفسا شريرة، مجرمة مفسدة. فإن دواءها إراحة المجتمع منها، فالقاتل يقتل وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ «٧» ، والزاني الذي تحت يده امرأة تعفه إذا انتهك عرض امرأة، واقترف الفاحشة يرجم. والتارك لدينه المفارق للجماعة،


(١) إزهاق الروح، إماتتها.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٣٢.
(٣) سورة النساء، الآية: ٩٣.
(٤) سورة النساء، الآية: ٩٢.
(٥) الإملاق: أملق فلان: افتقر.
(٦) ووأد البنات: وأد الرجل ابنته: دفنها حية.
(٧) سورة البقرة، الآية: ١٧٩.

<<  <   >  >>