٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الْبَعِيرَ يَكُونُ بِهِ الْجَرَبُ فَيُجْرِبُ الْإِبِلَ كُلَّهَا قَالَ ذَلِكُمْ الْقَدَرُ فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ»
ــ
قَوْلُهُ: (لَا عَدْوَى) الْعَدْوَى مُجَاوَزَةُ الْعِلَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إِلَى غَيْرِهِ بِالْمُجَاوَرَةِ وَالْقُرْبِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْيُ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَعَلَى هَذَا فَمَا جَاءَ مِنَ الْأَمْرِ بِالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الذَّرَائِعِ لِئَلَّا يَتَّفِقَ الشَّخْصُ يُخَالِطُ مَرِيضًا فَيُمْرِضُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلَ مَرَضِهِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ابْتِدَاءً لَا بِالْعَدْوَى الْمَنْفِيَّةِ فَيُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مُخَالَطَتِهِ فَيَعْتَقِدُ صِحَّةَ الْعَدْوَى فَيَقَعُ فِي الْحَرَجِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ التَّأْثِيرِ وَبَيَانُ أَنَّ مُجَاوَرَةَ الْمَرِيضِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَةِ لَا هِيَ مُؤَثِّرَةٌ كَمَا يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ الطَّبِيعَةِ وَعَلَى هَذَا فَالْأَمْرُ بِالْفِرَارِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ: (وَلَا طِيَرَةَ) هِيَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَقَدْ سُكِّنَ التَّشَاؤُمُ بِالشَّيْءِ وَأَصْلُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا خَرَجُوا لِحَاجَةٍ فَإِنْ رَأَوُا الطَّيْرَ طَارَ عَنْ يَمِينِهِمْ فَرِحُوا بِهِ وَاسْتَمَرُّوا وَإِذَا طَارَ عَنْ يَسَارِهِمْ تَشَاءَمُوا بِهِ وَرَجَعُوا وَرُبَّمَا هَيَّجُوا الطَّيْرَ لِتَطِيرَ فَيَعْتَمِدُوا ذَلِكَ فَكَانَ يَصُدُّهُمْ ذَلِكَ عَنْ مَقَاصِدِهِمْ فَنَفَاهُ الشَّرْعُ وَأَبْطَلَهُ وَنَهَى عَنْهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ قَوْلُهُ: (وَلَا هَامَةَ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَجُوِّزَ تَشْدِيدُهَا طَائِرٌ كَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِهِ قَوْلُهُ: (يَكُونُ بِهِ الْجَرَبُ) فَتْحَتَيْنِ دَاءٌ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ: (فَيُجْرِبُ الْإِبِلَ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَجْرَبَ يَصِيرُهَا أَجْرَبَ أَوْ فَتْحِهَا مِنْ بَابِ سَمِعَ أَيْ فَتَصِيرُ الْإِبِلُ كُلُّهَا أَجْرَبَ قَوْلُهُ: (فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ) أَيْ كَمَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي جَرَبِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي جَرَبِ الثَّانِي وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي حَيَّةَ كَانَ يُدَلِّسُ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ بِصِيغَةِ الْعَنْعَنَةِ وَلَمْ يَتَفَرَّدِ ابْنُ مَاجَهْ بِإِخْرَاجِ هَذَا الْمَتْنِ فَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ انْتَهَى قُلْتُ: بَلْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الطِّبِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَعَمِ التِّرْمِذِيُّ رَوَاهُ فِي الْقَدَرِ كَالْمُصَنِّفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute