للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان سبب عشقه لليلى أنه أقبل ذات يوم على ناقة له، وعليه حلتان من حلل الملوك، وكان من أجمل الفتيان، فمر بامرأة من قومه يقال لها كريمة وعندها جماعة من النسوان تحدثهن فيهن ليلى، فأعجبهن جماله فدعونه إلى النزول، فنزل وأمر عبداً كان معه فعقر لهن ناقته، وتحدثن بقية يومه معه، فبينما هم كذلك إذ طلع فتى من الحي يسمى منازل، فلما رأينه أقبلن عليه وتركن المجنون، فغضب وقام من عندهن وهو يقول (١) :

أأعقر من أجل الكريمة ناقتي ... ووصلي مقرون بوصل (٢) منازل

إذا جاء قعقعن الحلي ولم أكن ... إذا جئت أرضى صوت تلك الخلاخل

متى ما انتضلنا بالسهام نضلته (٣) ... وإن يرم رشقاً عندها فهو ناضلي ولما أصبح لبس حليته وركب ناقة أخرى ومضى متعرضاً لهن، فرأى ليلى قاعدة بفناء بيتها، وكان قد علق قلبه بحبها، وعندها جويريات يتحدثن معها، فوقف المجنون وسلم عليهن فدعونه إلى النزول وقلن له: هل لك في محادثة من لا يشغله عنك منازل ولا غيره؟ فقال: إيه لعمري، ونزل وعقر ناقته، فأرادت ليلى أن تعلم: هل لها عنده مثل ما له عندها، فجعلت تعرض عن حديثه ساعة بعد ساعة وتحدث غيره، وكان قد شغفته " بحبها واستملحته " (٤) واستملحها، فبينما هي تحدثه إذ أقبل فتى من الحي، فدعته ليلى وساررته سراً ثم قالت له: انصرف، ونظرت إلى وجه المجنون وقد تغير وامتقع لونه فقالت:

كلانا مظهر للناس بغضاً ... وكل عند صاحبه مكين


(١) ديوانه: ٢٢٩.
(٢) الديوان: مفروش لوصل.
(٣) ر: فضلته.
(٤) لم يرد في ر، وثبت في المطبوعة

<<  <  ج: ص:  >  >>