ما زلت في غمرات الموت مطرحاً ... يضيق عني فسيح الرأي من حيلي
فلم تزل دائماً تسعى بلطفك لي ... حتى اختلست حياتي من يدي أجلي وكلم يحيى بن خالد في حاجة بكلمات قليلة فقال له يحيى: لقد نزر كلامك اليوم وقل، فقال: وكيف لا يقل وقد كفيتني ذل المسألة وحيرة الطلب وخوف الرد؟ فقال له يحيى: لئن قل كلامك لقد كثرت فوائده.
ومن شعره:
ولو كان يستغني عن الشكر حامد ... لعزة ملك أو علو مكان
لما أمر الله العباد بشكره ... وقال اشكروا لي أيها الثقلان ولما دخل على المأمون كان عنده إسحاق الموصلي، فسلم عليه فرد عليه وأدناه وقربه حين دخل عليه وقبل يده، وأقبل عليه يسأله عن حاله وهو يجيبه بلسان طلق، فاستظرفه المأمون وأقبل عليه بالمداعبة والمزاح، فظن أنه استخف به فقال له: يا أمير المؤمنين الإيناس قبل الإبساس، فاشتبه على المأمون، وأقبل على إسحاق مستفهماً، فأومأ إليه وغمزه على معناه حتى فهمه، فقال: يا غلام، ألف دينار، فأتي بذلك فدفعها إلى العتابي، ثم غمز المأمون إسحاق الموصلي عليه، فجعل العتابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه، فبقي العتابي متعجباً، ثم قال: يا أمير المؤمنين أيذن لي في مسألة هذا الشيخ عن اسمه، فقال: نعم سله، فقال لإسحاق: يا شيخ من أنت؟ وما اسمك؟ فقال: أنا من الناس واسمي كل بصل، فتبسم العتابي، وقال: أما أنت فمعروف وأما الاسم فمنكر، فقال إسحاق: ما أقل إنصافك، أتنكر أن يكون اسمي كل بصل واسمك كل ثوم؟ وما كل ثوم من الأسماء؟ أليس البصل أطيب من الثوم؟ فقال العتابي: لله درك ما أحجك! أيأذن لي أمير المؤمنين أن أصله بما وصلني به؟ فقال: لا بل هو موفر عليك ونأمر له بمثله، فقال إسحاق: أما إذ أقررت فتوهمني أنت، فقال: