للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما أظنك إلا إسحاق الموصلي الذي يتناهى إلينا خبره، قال: أنا حيث ظننت، فأقبل عليه بالتحية والسلام، فقال المأمون وقد طال الحديث بينهما: أما إذ اتفقتما فانصرفا متنادمين، فانصرف العتابي إلى منزل إسحاق وأقام عنده.

وقال عمر الوراق: رأيت العتابي يأكل خبزاً على الطريق بباب الشام فقلت له: ويحك أما تستحي؟ فقال: أرأيت لو كنا في دار فيها بقر أكنت تحتشم أن تأكل وهو يراك؟ فقلت: لا، فقال: فاصبر حتى أعلمك أنهم بقر، ثم قام فوعظ وقص ودعا حتى كثر الزحام عليه، فقال لهم: روي لنا من غير وجه أنه من بلغ لسانه أرنبة أنفه لم يدخل النار، قال: فما بقي أحد منهم إلا أخرج لسانه نحو أرنبة أنفه ويقدره هل يبلغها أم لا، فلما تفرقوا قال العتابي: ألم أعلمك أنهم بقر؟

ودخل العتابي على عبد الله بن طاهر، فلما مثل بين يديه أنشده:

حسن ظني وحسن ما عود الل ... هـ بسؤلي (١) منك الغداة أتى بي

أي شيء يكون أحسن من حس ... ن يقين حدا إليك ركابي فأمر له بجائزة، ثم دخل عليه من الغد فأنشده:

ودك يكفينيك في حاجتي ... ورؤيتي كافية عن سؤال

وكيف أخشى " الفقر " ما عشت لي ... وإنما كفاك لي بيت مال؟ فأمر له بجائزة، ثم دخل عليه في اليوم الثالث فأنشده:

بهجات الثياب يخلقها الده ... ر وثوب الثناء غض جديد

فاكسني ما يبيد، أصلحك الل ... هـ فإني أكسوك ما لا يبيد " فأمر له بكسوة وجارية " (٢) .


(١) ر: سؤالي.
(٢) زيادة من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>