للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع هولاكو أموراً انعكست عليه، وندم حيث لا ينفعه الندم، وكان كثيراً ما يقول بعد ذلك:

وجرى القضاء بعكس ما أملته

لأنه عومل بأنواع الهوان من أراذل التتار والمرتدة؛ حكي أنه كان جالساً بالديوان، فدخل عليه بعض التتار ممن ليس له وجاهة راكباً فرسه، فسار (١) إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير وخاطبه بما أراد، وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير، وهو صابر لهذا الهوان يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده.

وقال له بعض أهل بغداد: يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه حمية، وحميت الشيعة، وقد قتل من الأشراف الفاطميين خلق لا تحصى، وارتكبت الفواحش مع نسائهم، فقال: بعد أن قتل الدوادار ومن كان على رأيه لا مبالاة بذلك. ولم تطل مدته حتى مات غماً وغيظاً في أوائل سنة سبع وخمسين وستمائة.

بعث إليه المستعصم شدة أقلام، فكتب إليه: قبل الملوك الأرض شكراً للإنعام عليه بأقلام قلمت أظافر الحدثان، وقامت له في حرب الزمان، مقام عوالى المران، وأجنته ثمار الأوطار من أغصانها، وحازت له قصبات المفاخر بيوم (٢) رهانها، فيا لله كم عقد زمام في عقدها، وكم بحر سعادة أصبح جارياً من مدادها ومددها، وكم منآد (٣) خط استقام بمثقفاتها، وكم صوارم فل مضاربها مطرر (٤) مرهفاتها.


(١) الوافي: فساق.
(٢) الوافي: يوم.
(٣) في المطبوعة: سنان؛ وأثبت ما في أصل الوافي.
(٤) الوافي: بمطرور.

<<  <  ج: ص:  >  >>