للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجاهة ومن السيادة ما لا رآه جده الصاحب بهاء الدين.

حكى الشيخ شهاب الدين محمود رحمه الله تعالى أن الصاحب فخر الدين " ابن " (١) الخليلي لما لبس خلعة (٢) الوزارة توجه من القلعة بالخلعة إلى دار الصاحب تاج الدين، وجلس بين يديه وقبل يده، فأراد أن يجبره ويعظم قدره، فالتفت إلى بعض غلمانه وطلب منه توقيعاً يختص بذلك الشخص، فأخذه وناوله لابن الخليلي وقال: مولانا يعلم على هذا التوقيع، فأخذه وقبله ووضعه على رأسه وكتب عليه قدامه؛ وكان فتح الدين ابن سيد الناس إذا حكى هذه الحكاية يقول: وهذه الحركة من الصاحب تاج الدين بمنزلة الإجازة والإمضاء لوزارة ابن الخليلي.

ومن أحسن حركة اعتمدها ما حكاه الشيخ صلاح الدين الصفدي حرسه الله تعالى في تاريخه، قال: حكى لي القاضي شهاب الدين ابن فضل الله رحمه الله تعالى قال: اجتزت بتربته، فرأيت إلى جانبها (٣) مكتباً للأيتام وهم يكتبون القرآن في ألواحهم، فإذا أرادا مسحها غسلوا الألواح وسكبوا ذلك على قبره، فسألت عن ذلك فقيل لي: هذا شرط الواقف (٤) ، وهذا قصد حسن وعقيدة صحيحة.

وكان الصاحب بهاء الدين يؤثره على أولاده لصلبه ويعظمه، وكتب له عليه حجة بمبلغ ستين مثقال (٥) مصرية؛ ومن وجاهته وعظمه في النفوس أنه لما نكب على يد الشجاعي جرده من ثيابه وضربه مقرعة واحدة فوق قميصه، ولم يدعه الناس يصل إلى أكثر من ذلك، مع جبروت


(١) زيادة من الوافي.
(٢) الوافي: تشريف.
(٣) الوافي: في داخلها.
(٤) الوافي: هكذا شرط في هذا الوقف.
(٥) الوافي: دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>