للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل (١) إنه وقف له فقير - وكانت ليلة عيد - وقال له: شي لله، فالتفت إلى غلامه، وقال: إيش معك؟ قال: مائتا درهم، قال: ادفعها إلى هذا الفقير، فقال له: يا سيدي الليلة العيد وما معنا شي ننفقه غداً، فقال: امضي إلى القاضي كريم الدين وقول له: الشيخ يهنيك بالعيد، فلما راى كريم الدين غلام الشيخ قال: كأن الشيخ يعوز نفقة في هذا العيد، ودفع له ألفين درهم وثلثمائة للغلام، فلما حضر إلى الشيخ قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسنة بعشرة، مائتان بألفين.

وكان له مكارم كثيرة ولطفاً زايداً (٢) وحسن عشرة؛ وأما أوائل عشرته فما كان لها نظير، لكنه ريما يحصل عنده ملل في آخر الحال، حتى قال فيه القائل:

وداد ابن الوكيل له شبيه ... بلبادين جلق في المسالك

فأوله حلي ثم طيب ... وأخره زجاج مع لوالك (٣) وشعره مليح إلى الغاية، وكان ينظم الشعر والموشح والذوبيت والمخمس والزجل والبليق؛ ومن تصانيفه ما جمعه في سفينة وسماه " الأشباه والنظائر "، يقال إنه شيء غريب، وعمل مجلدة في السؤال الذي حضر من عند أسندمر نائب طرابلس في الفرق بين الملك والنبي والشهيد والولي والعالم.

ومن شعره قصيدة بائية أولها:

ليذهبوا في ملامي أية ذهبوا ... في الخمر (٤) لا فضة تبقى ولا ذهب

لا تأسفن على مال تمزقه ... أيدي سقاة الطلا والخرد العرب


(١) أبقيت هذه الحكاية على حالها، وفيها صورة من اللهجة الدارجة حينئذ؛ وقارن بما في الوافي.
(٢) كذا ظن.
(٣) اللوالك: جمع لالكة، وهي نوع من النعال.
(٤) ص: فالخمر؛ وأثبت ما في الحاشية ترجيحاً، وهو كذلك عند الصفدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>