للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغنى له الحادي بأيام حاجر ... ففاضت بأمطار الدموع جفونه

وذكره العيش الذي كان وانقضى ... فكاد جوى يطرا عليه جنونه

غريب بعيد الدار فارق أهله ... كئيب وحيد بان عنه قرينه

مريض إذا هب النسيم من الحمى ... يطيب له خفاقه وسكونه

تحمل أثقال الغرام وماله ... معين على حمل الغرام يعينه

وصان الهوى في قلبه كل جهده ... فلما نأى الأحباب بان مصونه

وظن بأن الدهر يجمع شمله ... بمن يتمناهم فخابت ظنونه

أهيل الحمى بنتم فدمعي مطلق ... وقلبي قد ضاقت عليه شجونه

أهيل الحمى لا أوحش الربع منكم ... لقد كنتم للربع زيناً يزينه

مررت على الوادي وكان زمانكم ... بلابله تشدو وتجري عيونه

فأبصرته من بعدكم وهو قد عفا ... وأقفر منه سهله وحزونه

فناديته أين الذين عهدتهم ... هنا وغدير العيش صاف معينه؟

فقل لي الوادي نأو وترحلوا ... وهذا فؤادي للتنائي حزينه

فقلت فهل يسخو الزمان بعودهم ... فقال لعل الدهر يسخو خؤونه

إلى أن يعود الماء في النهر جاريا ... تموت به أطياره وغصونه

وكم مات صب (١) بالتوقع والمنى ... ولم تقض من خصم الزمان ديونه وقال أيضاً:

هنيئاً لمن أمسى وأنت حبيبه ... ولو أن نيران الغرام تذيبه

وطوبى لقل أنت ساكن سره ... ولو بان عنه إلفه وقريبه

وواهاً (٢) لمطرود عن الباب مبعد ... لقد ضاق في هذا الوجود رحيبه

وحقك ما من ذاق وصلك ميت ... " يحق عليه ندبه ونحيبه " (٣)


(١) ص: صباً.
(٢) ص: وواه، وهو صحيح عند الزركشي.
(٣) اضطرت هذا البيت مع الذي يليه في ص، والتصويب عن الزركشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>