للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلفت أجسادهم والطير عاكفة ... فيها وأقفلتهم هاماً مع القفل

يأبى لك الذم في يوميك إن ذكرا ... عضب حسام وعرض غير مبتذل

فافخر فما لك في شيبان من مثل ... كذاك ما لبني شيبان من مثل

كم مشهد لك لا تحصى مآثره ... قسمت فيه كرزق الجن (١) والخبل

لله من هاشم في أرضه (٢) جبل ... وأنت وابنك ركنا ذلك الجبل

قد أعظموك فما تدعى لهينة ... إلا لمعضلة تستن بالعضل

يا رب مكرمة أصبحت واحدها ... أعيت صناديد راموها فلم تنل

تشاغل الناس بالدنيا وزخرفها ... وأنت من بذلك المعروف في شغل

أقسمت ما ذدت (٣) عن جدواك طالبها ... ولا دفعت (٤) اعتزام الجد بالهزل

بأبي لسانك منع الجود سائله ... فما يلجلج بين الجود والبخل

صدقت ظني وصدقت الظنون به ... وحط جودك عقد الرحل عن جملي صنع هذه القصيدة لما أشخصه إليه إلى الرقة، فأخذه وأدخله على الرشيد، فأنشده شعره فيه، فأمر له بمائتي ألف درهم؛ ثم إن يزيد الممدوح بعث إليه بمائة وتسعين ألف درهم وقال: لا تكون عطيتي لك بمثل عطية أمير المؤمنين؛ قال مسلم: وأقطعني إقطاعات تبلغ ألف درهم؛ ثم أفضت الأمور بعد ذلك إلى أن أغضبتني، فهجوته، فشكاني إلى الرشيد، فدعاني وقال: أتبيعني عرض يزيد؟ قلت: نعم، قال: بكم؟ قلت: برغيف، فغضب حتى خفته على نفسي، وقال: قد كان رأيي أن أشتريه منك بمال جسيم، ولست أفعل ولا كرامة، وأنا بريء من أبي، ووالله والله، إن بلغني أنك هجوته لأنزعن لسانك من بين فكيك؛ قال: فأمسكت


(١) الديوان: الأنس؛ والخبل: الجن أو طائفة منهم.
(٢) ص: في ... من أرضه.
(٣) الديوان: ذب.
(٤) ص: رفعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>