للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدرت عليه؟ فحدثه حديثه، وقام يمضي إلى منزل أبي الأصبغ، واتبعه مطيع، فقال له: ما تصنع معي والرجل لم يدعك (١) وإنما يريد الخلوة؟ قال: أشيعك إلى بابه ونتحدث، فمضى معه، ودخل يحيى ورد الباب في وجهه، فصبر مطيع ساعة ثم دق الباب واستأذن، فخرج إليه الرسول وقال: يقول لك أنا عنك مشغول اليوم في شغل لا أتفرغ منه لك فتعذر، فقال له مطيع: فابعث لي بدواة وقرطاس، فبعث له فكتب (٢) :

يا أبا الأصبغ لا زلت على ... كل حال ناعماً متبعا (٣)

لا تصيرني من الود كمن ... قطع التكة قطعاً شنعا

وأتى ما يشتهي لم يثنه ... خيفة أو خفض حق ضيعا

لو ترى الأصبغ ملقى تحته ... مستكيناً خجلاً قد خضعا

وله دفع عليه عجل ... شبق ساءك ما قد صنعا

فادع بالأصبغ واعرف حاله ... سترى أمراً قبيحاً فظعا (٤) قال، فقال أبو الأصبغ ليحيى: فعلتها يا ابن الزانية؟! قال: لا والله، فضرب بيده إلى تكة ابنه فوجدها مقطوعة فأيقن بالفضيحة، فقال يحيى: قد كان الذي كان، وسعى مطيع ابن الزانية إليك، وهذا ابني هو والله أفره من ابنك وأما عربي ابن عربي وأنت نبطي ابن نبطية، فنك ابني عشر مرات مكان المرة الواحدة التي نكت لابنك، فتكون قد ربحت الدنانير والوحدة بعشر، فضحك أبو الأصبغ وضحك الجواري، وقال لابنه: هات الدنانير يا ابن الفاعلة، فرمى بها إليه وقام خجلاً، فقال يحيى: والله لا دخل


(١) ص: يدعوك.
(٢) شعراء عباسيون: ٧٦.
(٣) الشابشتي: ١٦٥ عالياً ممتنعاً.
(٤) ص: فضعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>