إن أخلف الغيث لم تخلف مخايله ... أو ضاق أمر ذكرناه فيتسع قيل إن العتابي استقبل منصوراً النمري يوماً فوجده واجماً كثيباً فقال له: ما خبرك؟ قال: تركت امرأتي تطلق وقد عسرت عليها الولادة، وهي يدي ورجلي والقيمة بأمري، فقال له العتابي: اكتب على فرجها " هارون "، قال: ولم ذلك؟ قال: لتلد ويتسع المكان، قال: وكيف ذلك؟ قال: لقولك كذا وكذا وأنشده البيت، فقال: يا كشخان، والله لئن تخلصت امرأتي لأذكرن ذلك للرشيد؛ فلما ولدت امرأة منصور اخبر الرشيد الواقعة، فغضب وطلب العتابي، فاستتر عند الفضل بن الربيع حتى شفع له فأمره بإحضاره فأحضره فقال له: ويلك تقول كذا وكذا للنمري، فاعتذر له حتى قبل ذلك، فقال العتابي: ما حمله على الكذب علي إلا وقوفي على ميله إلى العلوية، وأنشده قصيدته اللامية التي أولها:
شاء من الناس راتع هامل ... فغضب وقال للفضل: احضره الساعة، فستره الفضل عنده، ولم يزل الرشيد يتطلبه إلى أن قال يوماً للفضل: ويحك يفوتني النمري؟! قال: يا أمير المؤمنين، قد حصلته وهو عندي، قال: فجئني به؛ وكان الفضل قد أمره أن يلبس فروة مقلوبة ويباشر الشمس ليشحب ويسوء حاله، ففعل، فلما أرد إدخاله عليه علمه ما يقول، فلما وقعت عين الرشيد عليه قال: السيف، فقال الفضل: يا أمير المؤمنين ومن هو هذا الكلب حتى نأمر بقتله بحضرتك؟ قال: أليس هو الذي يقول:
إلا مساعير يغضبون لنا ... بسلة البيض والقنا الذابل فقال منصور: لا يا سيدي، ما أنا الذي قلت هذا ولقد كذب علي، ولكني الذي أقول: