أيا سيداً ما رام جدواه الله طالب ... فعاد ولم يظفر بأقصى مطالبه
أبن لي عن الجمع الذي إن ذكرته ... تخاطب من خاطبته بمعايبه وكتب إلى ركن الدين قرطاي ببغداد وهو ساكن عند نهر عيسى:
أمولاي إني مذ رأيتك ساكناً ... على نهر عيسى لم أزل دائم الفكر
لأنك بحر بالمكارم زاخر ... ومن عجب أن يسكن البحر في النهر ولما كان ببغداد خرج للشعراء من عند المستنصر ذهب على أيدي الحجاب ولم يخرج إليه شيء، فكتب إلى الخليفة المستنصر:
لما مدحت الإمام أرجو ... ما نال غيري من المواهب
أجدت في مدحه ولكن ... عدت بجدي العثور خائب
فقال لي مادحوه لما ... فازوا وما فزت بالرغائب
لم أنت فينا بغير عين ... قلت لأني بغير حاجب وقال:
وعلق ٍ نفيسٍ تعلقته ... قزار على خلوة وارتياع
ولم يبق في الرمد إلا كما ... يقال على أكلة والوداع
فعاجلته عن دخول الكنيف ... بشحّ مطاع ورأي مضاع
فغرقني منه نوء البطين ... ورواه مني نوء الذرع وقال:
على ورد خديه وآس عذاره ... يليق بمن يهواه خلع عذاره
وأبذل جهدي في مداراة قلبه ... ولولا الهوى يقتادني لم أداره
أرى جنةً في خده غير أنني ... أرى جل ناري شب من جلناره
كغصن النقا في لينه واعتداله ... وريم الفلا في جيده ونفاره
سكرت بكأس من رحيق رضابه ... ولم أدر أن الموت عقبى خماره