للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد علمت بأنني بدر السما ... لكن ولعت لشقوتي بالمشتري وكان مجلس ولادة بقرطبة منتدى لأحرار المصر، وفناؤها ملعبا (١) لجياد النظم والنثر، يتهالك الكتاب والوزراء والشعراء على حلاوة عشرتها وسهولة حجابها.

مرت يوما بالوزير أبي عامر ابن عبدوس وهو جالس أمام بركة تتولد من مياه الأمطار، ويسيل إليها شيء من الأوساخ، فوقفت أمامه وقالت بيت أبي نواس في الخصيب والي مصر:

أنت الخصيب وهذه مصر ... فتدفقا فكلاكما بحر فتركته لا يحير جوابا ولا يهتدي صوابا.

وطال عمرها وعمر أبي عامر المذكور، حتى أربيا على الثمانين ولم يدعا المواصلة ولا المراسلة. وكانت أولا تهوى الوزير ابن زيدون، ثم مالت عنه إلى الوزير أبي عامر ابن عبدوس، وكان يلقب بالفار، وفي ذلك يقول ابن زيدون (٢) :

أكرم بولادة علقا لمعتلق ... لو فرقت بين بيطار وعطار

قالوا أبو عامر أضحى يلم بها ... قلت: الفراشة قد تدنو من النار

أكل شهي أصبنا من أطايبه ... بعضا وبعضا صفحنا عنه للفار وقال فيها (٣) أيضا (٤) :


(١) ص: ملعب.
(٢) الديوان: ١٩٦ وقد زيدت فيه اعتماداً على سرح العيون، وتمام المتون.
(٣) ص: فيه.
(٤) الديوان: ١٩٥، وليست من أصل الديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>