للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان طويل القامة جسيماً أسمر اللون كثيف اللحية، وكانت أيامه أيام خصب ورخاء وأمن عام، ودولته زاهرة، وسياسته قاهرة، وهيبته رائعة، وسطوته قامعة، ذلت له رقاب الجبابرة في الآفاق، وخضعت له منهم الأعناق، وأشحن بالظلمة الحبوس (١) وأزال الظلم والمكوس، وتمكن تمكن الخلفاء المتقدمين، قلما انتهت إليه حالة مكروهة إلا أزالها، وعثرة إلا أقالها؛ ويقال إنه رأى في منامه مكتوباً (٢) في كفه أربع خاءات فعبرها أنه يلي الخلافة سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

وكتب إليه كمال الدين الشهرزوري قصة لما قدم إلى بغداد رسولاً من قبل نور الدين ابن زنكي مترجمة: " محمد بن عبد الله الرسول "، فوقع عند اسمه " صلى الله عليه وسلم "؛ يقال إن ليلته حانت من ابنة عمه فلما توجه إليها وجد في طريقه بعض حجرات جواريه مفتوح الباب، فدخل إليها، فقالت له الجارية: امض (٣) إلى ابنة عمك فإني أخاف أن تعلم بنا فلا آمن شرها، فقال: في ساقها خلخال إذا جاءت عرفت بها. فمضت إليها (٤) جارية ووشت بالحال، فرفعت خلخالها إلى أعالي ساقها وقصدت المقصورة، ففاحت روائح الطيب، فنم ذلك عليها، فخرج من المقصورة من الباب الآخر وقال:

استكتمت خلخالا ومشت ... تحت الظلام به فما نطقا

حتى إذا هبت نسيم صبا ... ملأ العبير بنشرها الطرقا وللشيخ صلاح الدين الصفدي في هذا المعنى:


(١) ص: والجيوش.
(٢) ص: مكتوب.
(٣) ص: امضي.
(٤) ص: إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>