قال ابن العديم: حضر بعض المدرسين إلى العسكر، ورفع على يدي قصة بين يديه تتضمن التضور من قلة معلومه، ويذكر أن عياله وصلوا من مصر وأنه لا يطلب التثقيل على السلطان في مثل هذا الوقت الذي يحتاج فيه إلى الكلف بن يطلب زيادة في المدرسة التي هو بها. فسأل عن شرط الواقف، فقيل: شرطه ما يتناوله الآن، لكن ذكر أنه في كتاب الوقف ما يدل على أن السلطان يزيده إذا رأى في ذلك مصلحة. فأطرق كما هي عادته إذ لم يرى قضاء ما طلب، ولم يرد في ذلك جواباً، ولم يهن عليه رده خائباً، وتورع عن مخالفة الواقف، فقرر له ما طلبه على ديوانه دون الوقف.
والشرب قد خاط النعاس جفونهم ... والصبح من جلبابه يتطلع ومن شعره أيضاً:
سقى حلب الشهاب كل مرنة (١) ... سحائب غيث نوؤها ليس يقلع
فتلك ربوعي لا العقيق ولا الحمى ... وتلك دياري لا زرود ولعلع وقال أيضاً:
فو الله لو قطعت قلبي تأسفاً ... وجرعتني كاسات دمعي دما صرفا
لما زادني إلا هوى ومحبة ... ولا اتخذت روحي سواك لها إلفا وورد الخبر في منتصف صفر من سنة ثمان وخمسين وستمائة بورود التتار إلى حلب ودخولها بالسيف، فهرب السلطان مع الأمرا الموافقين له، وزال ملكه، ودخل التتار بعده بيوم إلى دمشق، وقري فرمان الملك بأمان