للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذكرني أيامنا بسويقة ... وليلاتنا اللاتي مضت بطويلعا

فقلت لها لا تظهري من لواعج ... فنوناً بأفنان الأراك تصنعا

فغصنك قد أضحى عليك منعماً ... وغصني قد أمسى علي ممنعا

بلى طارحيني ما شجاك فكلنا ... على غصن نبدي الأسى والتفجعا

وذي هيف عذب اللمى زارني وقد ... تلفع خوفاً بالدجى وتدرعا

فبت أعاطيه الحديث منمقاً ... وبات يعاطيني العتيق مشعشعا

إلى أن دعا داعي الفلاح ولم يكن ... سوى أنه داع على شملنا دعا

ولم أدر أن الصبح كان مراقباً ... لنا من وراء الليل حتى تطلعا

فقام كظبي الرمل وسنان خائفاً ... يكفكف من خوف التفر أدمعا

" فلما تفرقنا كأني ومالكاً (١) ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا " (٢)

فسحقاً لدهر لم أزل من صروفه ... بنابة في كل يوم مروعا

إلى غرضي (٣) الأقصى يسدد سهمه ... وعهدي به لم يبق في القوس منزعا

فحتام لا أنفك أشكو ليالياً ... ودهراً (٤) بتفريق الأحبة مولعا

وقد زجرتني الأربعون فلم تدع ... لي الآن في وصل الكواكب مطمعا

ومر الشباب الغض مني فمذ نأى ... تتابعه العيش اللذيذ تتبعا

وكانت بأحناء الضلوع حشاشة ... فأسبلتها فوق المحاجر أدمعا وقال أيضاً:

بدا صدغ من أهواه في ماء خده ... فحيرني لما التوى وتعقربا

" وقالوا يصير الشعر في الماء حية ... فكيف غدا في ذلك الخد عقربا " (٥)


(١) ص: ومالك.
(٢) البيت مضمن من شعر متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك.
(٣) ص: غرض.
(٤) ص: ودهر.
(٥) زيادة من الزركشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>