وقال بدر الدين يوسف بن المهمندار (١) :
لو عاينت عيناك يوم نزالنا ... والخيل تطفح في العجاج الأكدر
وقد اطلخمّ الأمر واحتدم الوغى ... ووهى الجبان وساء ظنّ المجتري
لرأيت سدّاً من حديد ما يرى ... فوق الفرات وفوقه نار تري
طفرت وقد منع الفوارس مدّها ... تجري ولولا خيلنا لم تطفر
ورأيت سيل الخيل قد بلغ الزُّبى ... ومن الفوارس أبحراً في أبحر
لما سبقنا أسهماً طاشت لنا ... منهم إلينا بالخيول الضّمّر
لم يفتحوا للرمي منهم أعيناً ... حتى كحلن بكلّ لدنٍ أسمر
فتسابقوا هرباً ولكن ردهم ... دون الهزيمة رمح كلّ غضنفر
ما كان أجرى خيلنا في إثرهم ... لو أنها برؤوسهم لم تعثر
كم قد فلقنا صخرةً من صخرةٍ ... ولكم ملأنا محجراً من محجر
وجرت دماؤهم على وجه الثرى ... حتى جرت منها مجاري الأنهر
والظاهر السلطان في آثارهم ... يذري الرؤوس بكلّ عضب أبتر
ذهب الغبار مع النجيع بصقله ... فكأنّه في غمده لم يشهر وقال ناصر الدين حسن ابن النقيب:
ولمّا تراءينا الفرات بخيلنا ... سكرناه منّا بالقوى والقوائم
فأوقفت التيار عن جريانه ... إلى حيث عدنا بالغنى والغنائم وقال الحكيم موفق الدين عبد الله بن عمر المعروف بالورن:
الملك الظاهر سلطاننا ... نفديه بالمال وبالأهل
اقتحم الماء ليطفي به ... حرارة القلب من المغل
(١) المهندار هو الذي يتلقى الرسل والعربان الواردين على السلطان وينزلهم دار الضيافة ويتحدث في القيام بأمرهم (ومهمن تعني الضيف بالفارسية) (صبح الأعشى ٤: ٢٢، ٥: ٤٥٩) .