للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن كتبه؟ قلت: شعر الزنج، قال: فخجل، ثم استهدانيه فقلت (١) : لا تستهده فإنه لك عمل ومن أجلك حضر، ثم أخذت في رياضته على الحضور مع شعر الزنج للفكاهة، فوجدته شديد النفور منه والبغض فيه، فتركته وعدلت إلى أبيه وقلت له: هل أنا عندك متهم في ولدك؟ فقال: حاش لله ولا في أهلي، فحكيت له خبر شعر الزنج مع ولده من أوله إلى آخره، وقلت له: إن هذا الأمر إن تمادى ظهر حاله واشتهر ولدك وصار أحدوثة للخاص والعام، وأنا أرى أن اجتماعه به في منزلي بمحضر من أهله سواك مما يكف لسانه ويستر أمره، فقال: افعل ما تراه مصلحة فأنت ممن لا يتهم، قال: فعرفت شعر الزنج بما جرى وقلت له: إذا كانت ليلة كذا وكذا فاحضر وادخل بلا استئذان كأنا لم نشعر بك، واجلس إلى أن نومىء إليك بالقيام، ثم دعوت الغلام وإخوته في الليلة المحدودة، واجتمعنا في مجلس أنس وشربنا، فلم نشعر إلا وشعر الزنج داخل علينا، فلما رآه الغلام خجل واستوحش وهم بالخروج فمنعناه، وكان بحضرتنا تفاح كثير أحمر والفتى يكثر شمه والعبث به والتنقل منه في أثناء شربه، فجعل شعر الزنج يتأمل الغلام ثم قال:

يا قمراً في سعد أبراجه ... وبيت أحزاني وأتراحي

ويا قضيباً ماثلاً مائلاً ... أكثر في حبي له اللاحي

أبصرته في مجلسٍ ساعةً ... والليل في حلة أمساح

في فتيةٍ كلهم سيّدٌ ... صالت عليهم سطوة الراح

يعضّ تفاحاً (٢) بتفّاحةٍ ... ويشرب الراح على الراح فخجل الغلام واحمر، فقال شعر الزنج عدة مقاطيع والغلام يزداد خجلاً وتوريداً، فقلنا لشعر الزنج: يكفيك قد أخجلت الفتى، فأومأنا إليه بالقيام على


(١) ص: فقال.
(٢) ص: تفاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>