يا بؤسها ماذا بها ويلها ... أبعدها الحب وأقصاها ففطن حينئذ وغالطني وقال: ما ترى ما يكتبون الناس على التفاح طلباً للمعاش؟! فتغافلت عنه، وكان شعر الزنج قد دفع التفاح إلى البائع وقال له: تلطف في إيصاله إلى الغلام وبعه إياه بما أراد.
ثم إن شعر الزنج أهدى إلي يوماً تفاحاً كثيراً: أحمر كالشقائق، وأبيض كالفضة، وأصفر كالذهب، منه ما كتب عليه ببياض في حمرة، وبحمرة في بياض، وعلى أحدها:
نبتّ في الأغصان مخلوقةً ... من قلب ذي شوق وأحزان
صفرني سقم الذي لونه ... يخبر عن حالي وأشجاني وعلى أخرى بأحمر:
تفاحةٌ صيغت كذا بدعةً ... صفراء في لون المحبينا
زيّنها ذو كمدٍ مدنف ... بدمعه إذ ظل محزونا
فامنن فقد جئت له شافعاً ... وقيت من بلواه آمينا وعلى أخرى:
كتبت لما سفكت مهجتي ... بالدم كي ترحم بلوائي
رفعت هذي قصتي أشتكي ال ... هجر فوقّع لي بإغفائي قال: فرحمته وأدركتني رقة له، فحفظت التفاح جميعاً، وعملت دعوة ودعوت الغلام وإخوته، واجتمعنا على مجلس أنس، وأحضرت التفاح، فيما أحضرته فرأوا منه شيئاً لم يروا مثله، ثم تعمدت وضع التفاح المكتوب بين يدي الغلام، فعجب منه وقرأ ما عليه وقال لي خفية: ترى من كتب هذا الذي عليه؟ قال: فقلت: الذي كتب على ذلك التفاح الذي (١) ابتعته ذلك اليوم، قال: