للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجعت لا أدري الطريق ولا تسل ... رجعت عداك المبغضون (١) كمرجعي

وأشدّ ما بي في القضيّة شامتٌ ... قد جاءني في صورة المتوجّع

يا صاحبي أنصت لأخبار الهوى ... حاشا لمثلك أن أقول ولا يعي

إني أحدث في الهوى بعجائب ... وغرائب حتى كأني الأصمعي

يا نفس قد فارقت يوم فراقهم ... طيب الحياة ففي البقا لا تطمعي

هيهات يرجع شملنا بالأجرع ... وتعود أحبابي الذي كانوا معي

ما كان أحسننا وهم جيراننا ... والشمل ملتئمٌ بتلك الأربع

بحياتكم جودوا عليّ تكرّماً ... فعسى خيالكم يلمّ بمضجعي

فلقد عدمت الصبر يوم فراقكم ... وتضرمت نار الأسى في أضلعي

يا نازحين فهل لكم من عودةٍ ... نزح التفرق ما بقي من مدمعي

إن لم تعودوا للديار وترجعوا ... لهلكت من شوقي وفرط توجّعي

أترى يعود الدهر يجمع بيننا ... ويلذّ طيب حديثكم في مسمعي

ويقرّ قلبٌ (٢) قد أطيل خفوقه ... وتنام عينٌ بعدكم لم تهجع وقال:

نحن إلاّ قطاعة الأجناد ... وبراوات غزّ هذا النادي (٣)

نحن إلاّ حكايةٌ وخيالٌ ... وحديثٌ لحاضرٍ ولبادي

نحن إلاّ غسالة لمرقدا ... ر (٤) قدورٍ تفرغت وزبادي

نحن إلاّ زبالةً ضمها الزب ... ال من فوق الكوم للوقاد

جرّدونا فما قطعنا فردو ... نا وقد أحسنوا إلى الأغماد


(١) ص: المبغضين.
(٢) ص: قلباً.... عيناً.
(٣) القطاعة: الرغوة؛ والبرادة: ما تبقى من قطعة الصابون بعد الاستعمال.
(٤) المرقدار: هو الذي يتصدى لخدمة ما يحوز المطبخ وحفظه، سمي بذلك لكثرة معاطاته لمرق الطعام عند رفع الخوان ونحو ذلك (صبح الأعشى ٥: ٤٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>