أيا ساكني مصرٍ غدا النيل جاركم ... فأكسبكم تلك الحلاوة في الشعر
وكان بتلك الأرض سحرٌ، وما بقي ... سوى أثرٍ يبدو على النظم والنثر فأجابه ابن النقيب:
ولمّا حللت الثغر زاد حلاوةً ... وخليته أغلى من الشذر والدر
فرحت وبي شوق (١) وما كنت شيّقاً ... لملثم ذاك الثغر لولاك في الثغر
فلا تطلبن سحر البيان بأرضنا ... فكم فيه موسى مبطلاً آية السحر
ولا رقّة الشعر الذي كان أولاً ... وكيف رقيق الشعر مع قسوة الدهر وكتب ابن النقيب إلى السراج الوراق:
يا ساكن الروضة أنت المشتهى ... من هذه الدنيا وأنت المقتضى
ويا سرور النفس بين الشعرا ... أنت الرضيّ فيهم والمرتضى
ويا سراجاً لم تزل أنواره ... تعيد مسودّ الليالي أبيضا
ما لي أراك قاطعاً لواصلٍ ... ومعرضاً عن مقبلٍ ما أعرضا فأجابه السراج:
يا سهم عتبٍ جاء من كنانةٍ ... أصبت من سواد قلبي الغرضا
لكن أسوت ما جرحته بما ... أعقبته من العتاب بالرضا
يا ابن النقيب ما أرى منقبةً ... إلاّ وأولتك الثناء الأبيضا
إنّ ولائي حسنٌ في حسن ... إذ ما أرى لعمرٍ أن يرفضا وقال:
قلّدت يوم البين جيد مودّعي ... درراً نظمت عقودها من أدمعي
وحدا بهم حادي المطيّ فلم أرى ... قلبي ولا جلدي ولا صبري معي
ودّعتهم ثمّ انثنيت بحسرةٍ ... تركت معالم معهدي كالبلقع
(١) ص: شوقاً.