للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أباد جماعةً من كبار الدولة، وكان منهمكاً على اللذات؛ لا يعبأ بالتحرز على نفسه لشجاعته.

توجه من القاهرة ثالث المحرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة (١) هو والوزير شمس الدين بن السلعوس وأمراء دولته، وفارقه وزيره من الطرانة (٢) إلى الإسكندرية، وعسف وظلم وصادر الناس، ونزل الأشرف بأرض الحمامات للصيد، وأقام إلى يوم السبت ثالث عشر المحرم، فلما كان العصر وهو بتروجة حضر نائب السلطنة بيدرا وجماعة من الأمراء، وكان الأشرف أمره بكرةً أن يتقدم بالدهليز ليتصيد هو ويعود عشية، فاحتاطوا به وليس معه إلا شهاب الدين ابن الأشل أمير شكارة، فابتدره بيدرا فضربه بالسيف قطع يده، فصاح حسام الدين لاجين عليه وقال: من يريد السلطنة تكون هذه ضربته؟ وضربه على كتفه حله، فسقط السلطان إلى الأرض، ولم يكن معه سيف، بل كان وسطه مشدود بالبند، ثم جاء سيف الدين بهادر رأس نوبة (٣) ، فأدخل السيف من أسفله وشقه إلى حلقه، وتركوه طريحاً في البرية، والتفوا على بيدرا وحلفوا له، وساق تحت العصايب يطلب القاهرة، وتسمى بالملك الأوحد، وبات تلك الليلة، وأصبح يسير، فلما ارتفع النهار إذا بطلب كبير قد أقبل يقدمه زين الدين كتبغا وحسام الدين أستاذدار (٤) يطلبون بيدرا بدم أستاذهم، ودلك بالطرانة، فحملوا عليه فتفرق عنه أكثر من معه، وقتل في الحال وحمل راسه على رمح وجاءوا


(١) زيادة لابد منها.
(٢) قرية صغيرة على الشاطئ الغربي لفرع رشيد بمديرية البحيرة.
(٣) وظيفة من وظائف أرباب السيوف، موضوعها الحكم على المماليك السلطانية والأخذ على أيديهم (صبح الأعشى ٤: ١٨) .
(٤) وظيفة الأستاذ دارية هي التحدث في أمر بيوت السلطان كلها من المطابخ والشر ابخاناء والحاشية والغلمان، والأستاذ دار هو الذي يمشي لطلب السلطان ويحكم في غلمانه وباب، وله تصرف تام في كل ما يحاتجه بيت السلطان من النفقات والكساوي (صبح الأعشى ٤: ٢٠ وانظر ٥: ٤٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>