للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخاصكية (١) وغيرهم، ثم قال كتبغا لبيدرا: أين السلطان؟ ورماه بالنشاب، ورموا كلهم بالنشاب وقتلوه، وتفرق جمعه، فلما رأينا ذلك التجأنا إلى جبل، واختلطنا بالطلب الذي جاء، فعرفنا بعض أصحابنا، فقال لنا: شدوا بالعجلة مناديلكم (٢) في أرقابكم إلى تحت الإبط، يعني شعارهم.

قال ابن المحفدار: وسألت شهاب الدين ابن الأشل: كيف كان قتل السلطان؟ قال: جاء إليه بعد رفع الدهليز أن بتروجة طيراً كثيراً، فقال لي: امش بنا حتى نسبق الخاصكية، فركبنا وسرنا، فرأينا طيراً كثيراً، فرمى بالبندق وصرع كثيراً، ثم قال: أنا جيعان، فهل معك شيء تطعمني؛ فقلت: ما معي سوى فروجة ورغيف في سولقي (٣) ، فقال: هاته، وناولته فأكله، ثم قال: امسك فرسي حتى أبول، ثم نزل وجعل يريق (٤) الماء ويمازحني ثم ركب، وإذا بغبار عظيم، فقال: سق واكشف الخبر، فسقت، وإذا ببيدرا والأمراء فسألتهم عن سبب مجيهم فلم يردوا علي، وساقوا إلى السلطان وقتلوه كما ذكرنا.

ثم إن بعد يومين طلع والي تروجة وغسلوه وكفنوه ووضعوه في تابوت، وسيروا من القاهرة الأمير سعد الدين كوجبا الناصري فأحضر التابوت ودفن في تربة والدته، وذلك في المحرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وكان من أبناء الثلاثين أو أقل، رحمه الله تعالى.

ذكر فتوحاته: عكا وصور وصيدا وبيروت وقلعة الروم وبهسنا، وجميع الساحل في أقرب مدة.


(١) الخاصكية: هم الذي يدخلون على السلطان في أوقات خلواته وفراغه ويركبون لركوبه ليلاً ونهاراً ويتميزون بسيوفهم وملابسهم الطرز المزركش (زبدة كشف الممالك: ١١٥) .
(٢) ص: مناديكم (دون إعجام للياء) .
(٣) السولق - بالسين والصاد - مخلاة من جلد يضمها الشخص في حزامه من الجهة اليمنى.
(٤) ص: يرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>