للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الذي كانت الآمال لو طلبت ... رؤياه في النوم لاستحيت من الطلب

ما بعد عكا وقد هدّت قواعدها ... في البحر للشرك عند البر من أرب

عقيلةٌ ذهبت أيدي الخطوب بها ... دهراً وشدّت عليها كفّ مغتصب

لم يبق من بعدها للكفر مذ خربت ... في البرّ والبحر ما ينجي سوى الهرب

كانت تخيلنا آمالنا فنرى ... أن التفكّر فيها غاية العجب

أما الحروب فكم قد أنشأت فتناً ... شاب الوليد بها هولاً ولم تشب

سوران: برٌّ وبحرٌ حول ساحتها ... دار وأدناهما أنأى من القطب

مصفّح بصفاح حولها أكمٌ ... من الرماح وأبراجٌ من اليلب

مثل الغمائم تهدي من صواعقها ... بالنبل أضعاف ما تهدي من السحب

كأنما كلّ برجٍ حوله فلكٌ ... من المجانيق يرمي الأرض بالشهب

ففاجأتها جنود الله يقدمها ... غضبان لله لا للملك والنّشب

كم رامها ورماها قبله ملكٌ ... جمّ الجيوش فلم يظفر ولم يجب (١)

لم ترض همّته إلاّ الذي قعدت ... للعجز عنه ملوك العجم والعرب

ليث أبى أن يردّ الوجه عن أُممٍ ... يدعون ربّ العلى سبحانه بأب

لم يلهه ملكه، بل في أوائله ... نال الذي لم ينله الناس في الحقب

فأصبحت وهي في بحرين ماثلة ... ما بين مضطرمٍ ناراً ومضطرب

جيش من الترك ترك الحرب عندهم ... عار (٢) ، وراحتهم ضرب (٣) من الضرب

خاضوا إليها الردى والهجر فاشتبه ال ... أمران واختلفا في الحال والسبب

تسنّموها فلم يترك تسنّمهم ... في ذلك الأفق برجاً غير منقلب

أتوا حماها فلم تمنع وقد وثبوا ... عنها مجانيقهم شيئاً ولم يثب

يا يوم عكا لقد أنسيت ما سبقت ... به الفتوح وما قد خطّ في الكتب


(١) ابن الفرات: ولم يصب.
(٢) ص: عاراً.
(٣) ص: ضرباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>