لم يبلغ النطق حدّ الشكر منك فما ... عسى يقوم به ذو الشعر والخطب
كانت تمنّى بك الأيام مبعدةً ... فالحمد لله نلنا ذاك عن كثب
أغضبت عبّاد عيسى إذ أبدتهم ... لله أي رضىً في ذلك الغضب
وأطلع الله جيش النصر فابتدرت ... طلائع النصر بين السّمر والقضب
وأشرف المصطفى الهادي البشير على ... ما أسلف الأشرف السلطان من قرب
فقرّ عيناً بهذا الفتح وابتهجت ... بفتحه الكعبة الغراء في الحجب
وسار في الأرض سير الريح سمعته ... فالبرّ في طربٍ والبحر في حرب
وخاضت البيض في بحر الدماء وما ... أبدت من البيض إلاّ ساق مختضب
وغاص زرق القنا في زرق أعينهم ... كأنها شطنٌ تهوي إلى قلب
توقدت وهي غرقى في دمائهم ... فزادها الطفح منها شدّة اللهب
وذاب من حرها عنهم حديدهم ... فقيدتهم بها ذعراً يد الرّهب
كم أبرزت بطلاً كالطّود قد بطلت ... حواسه فغدا كالمنزل الخرب
أجرت إلى البحر بحراً من دمائهم ... فراح كالراح إذ غرقاه كالحبب
تحكمت وسطت فيهم قواضبنا ... قتلاً وعفّت لحاويها عن السلب
كأنّه وسنان الرمح يظلبه ... برجٌ هوى ووراه كوكب الذّنب
بشراك ما ملك الدنيا لقد شرفت ... بك الممالك واستعلت على الرتب
ما بعد عكا وقد لانت عريكتها ... لديك شيءٌ تلاقيه على تعب
فانهض إلى الأرض فالدنيا بأجمعها ... مدت إليك فواصلها (١) بلا نصب
كم قد دعت وهي في أسر العدا زمناً ... صيد الملوك فلم تسمع ولم تجب
أتيتها يا صلاح الدن معتقداً ... بأن داعي صلاح الدين لم يخب
أسلت فيه كما سالت دماؤهم ... من قبل إحرازها بحراً من الذهب
أدركت ثأر صلاح الدين إذ غصبت ... منه لسرٍّ طواه الله في اللقب
(١) ابن الفرات: نواصيها.