تقول لي نعم، وأغلظ له في القول، فغضب الشيخ عفيف الدين وقال له: والك لمن تقول هذا الكلام؟ يا كلب يا ابن الكلب يا خنزير، وهذا من عجز المسلمين وإلا لو بصقوا عليك بصقة لأغرقوك، ثم شق ثيابه وقام يهم بالدخول على السلطان، فقام الناس إليه وقالوا: هذا ما هو كاتب وهذا الشيخ عفيف الدين التلمساني، وهو معروف بالجلالة والإكرام بين الناس، ومتى دخل إلى السلطان آذاك، فسألهم دره وقال له: يا مولانا ما بقيت أطلب منك لا أوراقاً ولا غيرها.
وقال الشيخ أثير الدين: المذكور أديب ماهر جيد النظم، تارة يكون شيخ صوفية وتارة كاتب وتارة مجرد، قدم علينا بالقاهرة، ونزل بخانقاه سعيد السعداء عند صاحبه شيخها الشيخ شمس الدين الأيكي، وكان متنجلاً في أقواله وأفعاله طريقة ابن العربي؛ انتهى قول أثير الدين.
وتوفي الشيخ عفيف الدين بدمشق في شهور سنة تسعين وستمائة، ودفن بمقابر الصوفية؛ ومن نظمه:
وقفنا على المغنى قديماً فما أغنى ... ولا دلت الألفاظ منه على معنى
وكم فيه أمسينا وبتنا بربعه ... حيارى وأصبحنا حيارى كما بتنا
ثملنا وملنا والدموع مدامنا ... ولولا التصابي ما ثملنا ولا ملنا
فلم نر للغيد الحسان بهم سنا ... وهم من بدور التم في حسنها أسنى
نسائل بانات الحمى عن قدودهم ... ولا سيما في لينها البانة الغنا
ونلثم ترب الأرض أن قد مشت بها ... سليمى ولبنى لا سليمى ولا لبنى
فوا أسفا فيه على يوسف الحمى ... ويعقوبه تبيض أعينه حزنا
وليس الشجي مثل الخلي لأجل ذا ... به نحن نحنا والحمام به غنى
ينادي مناديهم ويصغي إلى الصدى ... فيسألنا عنهم بمثل الذي قلنا وله أيضاً: