للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مولىً متى أخل من برؤ برؤيته ... خلوت منه بأشجان وأسقام

نأى ورؤيته عندي أحب إلي ... قلبي من الماء عند الحائم الظامي

وصد عني ولم يسأل بجفوته ... عن هائم دمعه من بعده هامي

يا ليت شعري ألم يبلغه أن له ... أخاً بمصر ضعيف الجسم مذ عام

ما كان ظني هذا في مودته ... ولا الحديث كذا عن ساكن (١) الشام

يا غائباً داره قلبي ولو هجعت ... عيني لأدنته مني رسل أحلامي

أصبحت بعد اشتطاطي في الحقيقة من ... لقياك أخدع آمالي بأوهام

هذا ولم يبق لي في لذة أرب ... إلا اجتماعي بأصحابي (٢) وألزامي

وإن هم خلفوني مفرداً ونأوا ... وافيت أسهر أجفاني لنوام

وأين نيل مرامي من لقائهم ... ضاق الزمان وهياً سهمه الرامي

ولت بشاشة أيامي فلو عرضت ... علي أعرضت عنها غير مستام

هل بعد سبعين لي إلا التأهب من ... أجل الرحيل بإسراج وإلجام

الناس يرجون ما قد قدموا لغدٍ ... والخوف من سوء ما قدمت قدامي

ولست أرجو سوى عفو الإله وأن ... ألقى السلامة في الأخرى بإسلامي

بلى وحب الذي أرجوه يشفع لي ... غداً إذا جئته أسعى بآثامي

فاذكر أخاك بظهر الغيب وادعوا له ... فأنت في نفسه من خير أقوام

لعل يجمعنا في دار رحمته ... من عفوه فوق إسرافي وإجرامي

عليك مني سلام الله ما ابتسمت ... أزاهر الروض من دمع الحيا الهامي فأجابه الشيخ تقي الدين رحمهما الله تعالى:

يا ساكني مصر فيكم ساكن الشام ... يكابد الشوق من عام إلى عام

الله من رمقٍ أودى السقام به ... كم ذا يعلل فيكم نضو أسقام


(١) الزركشي: ساكني.
(٢) الزركشي: واصحابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>