ما ظنكم ببعيد الدار منفردٍ ... حليف هم وأحزانٍ وآلام
يا نازحين متى تدنو النوى بكم ... حالت لبعدكم حالي وأيامي
كم أسأل الطرف عن طيف يعاوده ... وما لجفني من عهدٍ بأحلام
أستودع الله قلباً في رحالكم ... عهدته منذ أزمانٍ واعوام
وما قضى بكم من حبكم أرباً ... ولو قضى فهو من وجد بكم ظامي (١)
من ذا يلوم أخا وجدٍ يحبكم ... فأبعد الله عذالي ولوامي
في ذمة الله قوماً ما ذكرتهم ... إلا ونم بوجدي مدمعي الدامي
قوم أذاب فؤادي فرط حبهم ... وقد الم بقلبي أي إلمام
ولا تخذت سواهم منهم بدلاً ... ولا نقضت لعهدي عقد إبرام
ولا عرفت سوى حبي لهم ابداً ... حباً يعبر عنه جفني الهام
يا واحداً أعربت عنه فضائله ... وسار في الكون سير الكوكب السامي
في نعت فضلك حار الفكر من دهشٍ ... وكل ظام روي من بحرك الطامي
لا يرتقي نحوك الساري على فلكٍ ... فكيف من رام أن يسعى بأقدام
منك استفاد بنو الآداب مانظموا ... وعنك ما حفظوا من رقم أقلام
أنت الشهاب الذي سامى السماك علاً ... وفيض فضلك فينا فيض إلهام
لما رأيت كتاباً أنت كاتبه ... وأضرم الشوق عندي أي إضرام
أنشدت قلبي هذا منتهى أربي ... أغاد عهد حياتي بعد إعدام
يا ناظري خذا من خده قبلاً ... فهو الجدير بتقبيلٍ وإكرام
ثم اسرحا في رياضٍ من حدائقه ... وقد زها زهرها الزاهي بأكمام
من ذا يوفيه في در الجواب له ... عذراً إليه ولو كنت ابن بسام
يا ساكناً بفؤادي وهو منزله ... محل شخصك في سري وأوهامي
حقاً أراك بلا شك مشاهدةً ... ما حال دونك إنجادي وإتهامي
(١) ص والزركشي: ضامي.