للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء الحجاج إلى مكة فنصب المنجنيق عليها، وكان ابن الزبير قد نصب فسطاطاً عند البيت، فاحترق فطارت شرارة إلى البيت فاحترق واحترق قرنا الكبش الذي فدي به إسماعيل يومئذ، ورمى الحجاج المنجنيق على ابن الزبير وعلى من معه في المسجد، وجعل ابن الزبير بيضة على الحجر الأسود ترد عنه - يعني خوذة - ودام الحصار ستة أشهر وسبع عشرة (١) ليلة، وخذل ابن الزبير أصحابه (٢) ، وخرجوا مع الحجاج، ثم إن الحجاج أخذه وصلبه منكساً.

وكان آدم نحيفاً ليس بالطويل، بين عينيه أثر السجود؛ قيل إنه بقي مصلوباً سنة، ثم جاء إذن عبد الملك أن يسلم إلى أسماء ولدها، فأنزلوه فحنطته وكفنته وصلت عليه وحملته فدفنته بالمدينة في دار صفية بنت حيي، ثم زيدت دار صفية في المسجد، فهو مدفون مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

وكان كثير الصلاة كثير الصيام شديد البأس، كريم الجدات والأمهات والخالات؛ وقال علي بن زيد الجدعاني: إلا أنه كانت فيه خلال لا تصلح معها الخلافة، لأنه كان بخيلاً، ضيق العطن، سيء الخلق حسوداً كثير الخلاف، اخرج محمد بن الحنفية، ونفى عبد الله بن العباس إلى الطائف.

وقال: لما كان قبل قتله بعشرة أيام دخل على أمه وهي شاكية، فقال: كيف أنت (٣) يا أمه؟ قالت: ما أجدني إلا شاكية، فقال لها، إن في الموت لراحة، قالت: لعلك تمنيته لي، ما أشتهي أن أموت حتى تأتي على أحد طرفيك، إما قتلت فأحتسبك، وإما ظفرت بعدوك فقرت عيني، قال عروة: فالتفت إلي وضحك، فلما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها، فقالت: يا بني لا تقبل منهم خطة عليك فيها الذل مخافة القتل، فوالله لضربة سيف في عز خير من ضربة


(١) ص: عشر.
(٢) ص: وأصحابه.
(٣) ص: أنتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>