للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمن ملك داود (١) الكافر، وقرن النصر بعزم المجلس الأنهض، وأهلك العدو الأسود بميمون طائر النصر الأبيض، وكيف لا وآقسنقر هو الطائر الأبيض، وأقر لأهل الصعيد كل عين، وجمع شملهم فلا يرون من عدوهم بعدها غراب بين، ونصر ذوي السيوف على ذوي الحراب، وسهل صيد ملكهم على يد المجلس وكيف يعسر على السنقر صيد الغراب، والشكر لله على إذلال ملكهم الذي لان وهان، وأذاله لباسه الذي صرح به بسر كل منهم في قناله فأمسى وهو عريان، وازهاقهم الأسنة التي غدا طعنها كفم الزق غدا والزق ملآن (٢) ، ودق أقفيتهم بالسيف الذي انطق الله بفألهم الطير فقال دق قفا السودان، ورعى الله جهاد المجلس الذي قوم هذا الحادث المنآد، ولا عدم الإسلام في هذا الخطب سيفه الذي قام خطيباً وكيف لا وقد ألبسه منهم السواد، وشكر له عزمه الذي استبشر به وجه الزمن بعد القطوب، وتحققت بلاد الشمال به صلاح بلاد الجنوب، وأصبحت بهم سهام الغنائم في كل جهة تسهم، ومتون الفتوحات تمتطي فتارة يمتطي السيف منها كل سيس وتارة كل ادهم، وحمد شجاعته التي ما وقف لصدمتها السواد العظم، ولله المنة على أن جعل ربع العدو بعزائم المجلس حصيداً كان لم يغن بالأمس، وأقام فروض الجهاد بسيوفه المسنونة وأنامله الخمس، وقرن ثباته بتوصيل الطعن لنحور الأعداء ووقت النحر قيد رمح من طلوع الشمس، ونرجو من كرم الله تعالى إدراك داود المطلوب، ورده على السيف بعيب هربه والعبد الأسود إذا هرب يرد بعيب الهروب.


(١) كان داود ملكاً للنوبة وقد حضر ابن أخته واسمه متظلماً منه، فجرد الملك الظاهر جيشاً ضده (٦٧٤) وكانت النتيجة أن فر داود واسر أخوه شنكو وأقيم مشكد في المملكة وألبس التاج مكان داود (السلوك ١: ٦٢٢) .
(٢) في هذا نثر لقول الفند الزماني:
فلما صرح الشر ... وأمسى وهو عريان
بطعن كفم الزق ... غدا والزق ملآن

<<  <  ج: ص:  >  >>