عهد الله وميثاقه لئن قتل وهو حي لا يعطي للمأمون طاعة، فمات قبل قتل الأمين ودفن في دار الإمارة بالرقة، فلما خرج المأمون يريد الروم أرسل إلى ابن عبد الملك: حول أباك من داري، فنبشت عظامه وحولت. وكتب إلى الرشيد وقد تغير عليه (١) :
أخلاي لي شجو وليس لكم شجو ... وكل امرئ من شجو صاحبه خلو
من أي نواحي الأرض أبغي رضاكم ... وأنتم أناس ما لمرضاتكم نحو
فلا حسن نأتي به تقبلونه ... ولا إن أسأنا كان عندكم عفو فلما وقف عليها قال: والله إن كان قالها فقد أحسن، وإن كان رواها فقد أحسن:
وكتب إليه من السجن:
قل لأمير المؤمنين الذي ... يشكره الصادر والوارد
يا واحد الأملاك في فضله ... ما لك مثلي في الورى واحد
إن كان لي ذنب ولا ذنب لي ... حقاً كما قد زعم الحاسد
فلا يضق عفوك عني فقد ... فاز به المسلم والجاحد ومن شعره وهو في السجن:
لئن ساءني سجني لفقد أحبتي ... وأني فيهم لا أمر ولا أحلي
لقد سرني عزي بترك لقائهم ... وما أتشكى من حجابي ولا ذلي ولما أخرجه الأمين من السجن دفع إليه كاتبه وابنه، فقتل كاتبه، وهشم وجه ابنه بعمود، رحمه الله تعالى.