للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوا كبدا أمست رفاتاً كأنما ... يلذعها بالموقدات لهيب

عشية لا عفراء منك قريبة ... فتسلو ولا السلوان منك قريب

فوالله ما أنساك ما هبت الصبا ... وما أعقبتها في الرياح جنوب

عشية لا خلفي مكر ولا الهوى ... أمامي ولا يهوى هواي غريب

وإني لتغشاني لذكراك فترة ... كأن لها بين الضلوع دبيب قال الأخباريون: ومات في سفرته تلك قبل أن يصل إلى حيه بثلاث ليال، وبلغ عفراء خبره فجزعت جزعاً شديداً، وقالت ترثيه:

ألا أيها الركب المخبون ويحكم ... أحقاً نعيتم عروة بن حزام

فلا يهنأ الفتيان بعدك لذة ... ولا رجعوا من غيبةٍ بسلام

وقل للحبالى لا يرجين غائباً ... ولا فرحاتٍ بعده بغلام (١) ولم تزل تنشد الأشعار وتندبه وتبكيه إلى أن ماتت بعده بأيام قلائل.

وعن أبي صالح قال: كنت مع ابن عباس يعرفه، فأتاه فتيان يحملون فتى لم يبق إلا خياله، فقالوا: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله تعالى له، قال: وما به؟ فقال الفتى (٢) :

بنا من جوى الأحزان في الصدر لوعة ... تكاد لها نفس الشفيق تذوب

ولكنما أبقى حشاشة معولٍ ... على ما به عود هناك صليب قال: ثم خفت في أيديهم فإذا هو قد مات، فما رأيت ابن عباس سأل الله تعالى في عيشته إلا العافية مما ابتلي به ذلك الفتى، قال: وسألت عنه فقيل لي: هذا عروة بن حزام.


(١)
روايته في الديوان: ٣٧ - ٣٨: فلا وضعت أنثى تماماً بمثله ... ولا فرحت من بعده بغلام وقد سقط البيت من المطبوعة. (٢) الديوان: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>