للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعفا عنه وخلع عليه، وكمد عداه لذلك، واستقل ابن صصرى بالقضاء، وعظمت منزلة ابن غانم عند ابن صصرى مع عظمها قبل ذلك، وكان زائد الإدلال عليه وتضاعف إدلاله، وكان ابن صصرى إذا عزل لا يولي، وإذا ذاكر في أمر لا يرجع عنه، واتفق أن قاضي نوى كان له أعداء تكلموا فيه بسوء، جرحوه بالباطل وتحاملوا عليه عند قاضي القضاة نجم الدين، فاستحضره وعزله وانتهره في المجلس، وخرج من بين يديه منكسر الخاطر، وكان علاء الدين ابن غانم يقرأ بين المغرب والعشاء في السبع بالحائط الشمالي، عند باب النظامين، فقيل لذلك الرجل: ما لك إلا علاء الدين ابن غانم فله إدلال عظيم على القاضي، وأعلموه أنه بين العشاءين يقرأ في السبع المذكور، فاتفق أن ذلك الرجل جاء إلى علاء الدين ولم يكن يعرفه، فسأله عن علاء الدين وقال: لي إليه حاجة فدلني عليه، فقال علاء الدين: قل لي حاجتك، فإن كان يمكن قضاؤها تحدثت لك مع ابن غانم فهو ما يخالفني إن شاء الله تعالى، فقال له: يا مولانا أنا والله فقير الحال ولي عائلة، ورجل كبير، والله ما معي درهم ولا ما أتعشى به وبكى وقال: أنا قاض من قضاة البر، وكأن بعض من يحسدني وشى عنده ونقل إليه بأنني أرتشي، وحمله علي فاستحضرني وعزلني، والله ما لي درهم واحد ولا دابة أحضر عليها أهلي، وقصدت أن أجلس بين الشهود فما مكنني، فقيل لي: إن علاء الدين ابن غانم واسطة خير، وله عليه إدلال عظيم، ودلوني إلى هذا المكان، وبكى، فقال له: اقعد هنا لأكشف لك خبر ابن غانم، وأرجو من الله إصلاح أمرك، فأجلسه وانطلق من وقته فدخل على ابن صصرى وكلمه بإدلاله بحيث قال له: أنت قاسي القلب، وأنت أنت، فقال له: ما الخبر؟ فقال: هذا القاضي الفلاني، أي شيء ذنبه حتى عزلته؟ فقال: من صفته كذا وكذا وقيل عنه كذا وكذا، فقال: والله كذب عليه، وأنا والله ما أعرفه، ودل علي، وحلف أنه ما ارتشى قط ولا له ما يتعشى

<<  <  ج: ص:  >  >>