أسكنتني بجهنم الدنيا ففي ... أخراي هب لي الخلد في جناتها
واجمع بمن أهواه شملي عاجلاً ... يا جامع الأرواح بعد شتاتها وكتب إلى الملك الحافظ (١) يستهدي نطعاً:
يا ملكاً قد خلقت كفه ... للفرق بين الضر والنفع
وملكاُ صيرني عبده ... إحسانه في القول والصنع
وماجداً أنوار أسيافه ... مشرقة في ظلم النقع
نحن بحمد الله في عيشة ... مرضية بالعقل والشرع
إذا شبعنا بعد طول الطوى ... ليس لنا نقل سمى الصفع
والشغل قد دار على رسمه ... والوقت محتاج إلى النطع وله في حمام ضيق شديد الحر ليس فيه ماء بارد:
إن حمامنا الذي نحن فيه ... قد أناخ العذاب فيه وخيم
مظلم الأرض والسما والنواحي ... كل عيب من عيبه يتعلم
حرج بابه كطاقة سجن ... شهد الله من يجز فيه يندم
وله مالك غدا خازن النا ... ر بلى مالك أرق وأرحم
كلما قلت قد أطلت عذابي ... قال لي اخسأ فيه ولا تتكلم
قلت لما رأيته يتلظى ... ربنا اصرف عنا عذاب جهنم وأهدى إليه صاحب صحن حلاوة ولم يكن جيداً، فكتب إليه:
إن في صحنك المسمى حلاوه ... رقة تورث القلوب قساوه
كم حفرنا فلم نجد غير أرض ال ... صحن يبساً كمثل أرض السماوه
لست أدري من سكر كان أم من ... عسل حين لم تشبه نداوه
غير أني رأيت صحناً صغيراً ... ما عليه من النعيم طلاوه
(١) هو محمد بن شاهنشاه بن بهرام شاه الأيوبي أبو عبد الله غياث الدين، توفي بدمشق سنة ٦٩٣ (ابن الفرات ٨: ١٨٩) .