للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال ناقلا عن محيي السنة البغوي: «وفيه دليل على وجوب غسل الرجلين في الوضوء، وأقول وجه الاستدلال به أن الوعيد بالنار لعدم طهارتها، ولو كان المسح كافيًا لما أوعد من ترك غسل العقب بالنار، أو لأن من قال بالمسح قال بالوجوب مسح الأعقاب فدل على أن المراد الغسل، وإنما قال يمسح إشارة إلى تقليل استعمال الماء فيه وعدم الإسباغ، أو أراد بالمسح الغسل لما روى عن أبي زيد الأنصاري أنه قال المسح في كلام العرب قد يكون غسلاً ومنه يقال مسح الله ما بك أي غسل عنك وطهرك» (١).

ثم يُكمل الكرماني ترجيح غسل الرجلين، بدليل التأويل، واللغة،

وما نقله الصحابة عن النبي في ذلك.

«فإن قلت ظاهرة القرآن ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] بالخفض يدل على وجوب المسح عليهما.

قلت: قراءة الجر تعارض قراءة النصب فلا بد من تأويل وتأويل الجر بأنه على المجاورة، كقولهم جُحر ضَب خرب أولى من تأويل النصب بأنه محمول على محل الجار والمجرور لأنه الموافق للسنة الثابتة الشائعة فيجب المصير إليه، وأخصر الاستدلالات عليه أن جميع من وصف وضوء رسول الله في مواطن متعددة متفقون على غسل الرجلين» (٢).

وقد يبيّن الكرماني مراد الفقهاء من مسألة ما بالاستشهاد لها من حديث


(١) السابق، ٢/ ٨، وينظر: قول محيي السنة البغوي، في شرح السنة، ١/ ٤٢٩.
(٢) الكواكب الدراري، ٢/ ٨.

<<  <   >  >>