للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أن الكرماني مع ترجيحه هذا لم يخلو كلامه من التوفيق بين المعاني بسبب ورود حديث آخر في صحيح مسلم وهو: «عن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ، دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قُبُلِ الْبَيْتِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ «هَذِهِ الْقِبْلَةُ»، قُلْتُ لَهُ: مَا نَوَاحِيهَا؟ أَفِي زَوَايَاهَا؟ قَالَ: بَلْ فِي كُلِّ قِبْلَةٍ مِنَ الْبَيْتِ» (١).

فعلل تعليلا حسناً ناقلا عن النووي: «وأما نفي من نفى كأسامة فسببه: أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب، واشتغلوا بالدعاء فرأى أسامة النبي يدعو؛ فاشتغل هو أيضا بالدعاء فى ناحية من نواحى البيت، والرسول فى ناحية أخرى وبلال قريب منه ثم صلى النبي ، فرآه بلال لقربه ولم يره أسامة لبُعده مع خفة الصلاة وإغلاق الباب واشتغاله بالدعاء، وجاز له نفيها عملا بظنه» (٢).

إلا أن هناك في مسلم كذلك مايُفيد أن أسامة يُثبت صلاة النبي في جوف الكعبة: «عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ دَخَلَ الْكَعْبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ، وَبِلَالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ مَكَثَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَسَأَلْتُ بِلَالًا، حِينَ خَرَجَ: مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ ؟ قَالَ: «جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ ثُمَّ صَلَّى» (٣).


(١) أخرجه مسلم، كتاب: الحج، باب: استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها، رقم (٣٩٥).
(٢) شرح النووي على مسلم، ٩/ ٨٢.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب: الحج، باب: استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها، رقم (٣٨٨).

<<  <   >  >>